زهير الخويلدي:
كوني تُقبل به على الآخر و تندمج معه في بناء هذه
الكونية. إنّ هذا التوتّر هو الذي يبرّر طرح مشكلة
العلاقة بين الخصوصية و الكونية وهو
كذلك الذي يجعل من العلاقة بين العالمية و العولمة ميدان
استقطاب و تجاذب، فكيف السبيل إلى الانخراط في الكوني ؟ و ما الحاجة اليه أصلا
طالما أنّ كلّ فرد يحوز على خصوصية معيّنة ؟ و لماذا مثّل ظهور العولمة إحراجا
كبيرا لهذا الانخراط ؟ و ما هو الطريق الذي ينبغي أن تسلكه البشرية للتحرّر من
التأثيرات السلبية و الانعكاسات الخطيرة للعولمة ؟ يعتقد البعض أنّ الكونيّ و العالمي
و العولمي معاني متشابهة و مصطلحات متجاورة مثلما يتجاور العالم و الكون و مثلما
تكتسح العولمة المعمورة و ترتبط بالكلّي و لكن الواقع يثبت أنّ مثل هذا التشابه
خادع و أنّ الحقيقة أبعد من ذلك بكثير و أنّ مثل هكذا كلام هو شعارات برّاقة. إذ
صحيح أنّنا نعيش تطلّع جميع الثقافات إلى الكوني و نموت من فقدان كلّ خصوصية و صحيح
أيضا أنّ الكوكب يشهد انتشارا عالميّا لكلّ شيء و على امتداد أي شيء و لكن صحيح
أيضا أنّ الكونيّ في طريقه إلى التلاشي و أنّه ثمّة اختلاف بين الكوني و العالمي و
العولمي و أنّ الكوني قد تعولم و أن العولمي ذي اتّجاه واحد لا محيد عنه و أن
الكوني يهلك في العولمة. لقد أكّد جان
بودريار أنّ
الذي يحدث اليوم في المعمورة من تحوّلات هو عبور من الكوني إلى العالمي عن طريق
العولمي، فما المقصود بذلك ؟ و لماذا نبّه هذا الفيلسوف إلى خطورة الموقف ؟ هل
يعني أنّ الكوني اختفى و لم يعد له أيّ أثر ؟
24 مارس
2008.
"إنّ ثقافة أضاعت قيمها لا تستطيع إلاّ أن تنتقم من قيم الثقافات الأخرى" جان
بودريار[1] لا يكون الإنسان إلاّ بهويّته و لا تتشكّل
الهويّة إلاّ عبر شغل جماعي يكون به عدد من الناس، لكن هذه الهويّة تظلّ فقيرة و تنحرف
به نحو التعصّب و الانغلاق إذا لم تنفتح و تعترف بحقّ
الآخر في الوجود و الاختلاف و التنوّع لكن كما يمثّل التعصّب
لهويّة ما خطرا ينتهي بنفي الآخر و تهميش الغيرية و تحويل العلاقة بين البشر إلى
علاقة صراع فإنّ الاتّصال بالثقافات الأخرى قد يمثّل تهديدا لهويّة ثقافية حين
تصير صورة الذات ظلاّ للآخر منبهرة و مشدودة لإنجازاته فتقف عاجزة عن الإبداع و يتحوّل
كيانها بلا خصوصية
تشدّها إلى الأصل و بلا مشروع
يرى تزفيتان
تودوروف أنّ
روح الأنوار متكوّنة من ثلاثة أبعاد: التحرّر و الاستقلالية النسبة للفرد و الغائية
الإنسانية لأفعالنا و الكونية و يعبّر عنها على النحو التالي: "إنّ الانتماء إلى
الجنس البشري أي إلى الإنسانية بما هي صفة كونية هو أكثر أصالة من الانتماء إلى
هذا المجتمع أو ذاك. و على هذا الأساس يكون مطلب الكونية بمثابة الحدّ الذي تقف
عنده ممارسة الحريّة و يكون المقدّس الذي غادر مجال الاعتقاد و رفات القدّيسين مجسّدا
مستقبلا في حقوق الإنسان... و إذا تقرّر أنّ لكلّ الكائنات البشرية مجموعة من
الحقوق المتماثلة فإنّه يترتّب عن ذلك أنّها متساوية في الحقوق و معنى هذا أنّ
مطلب المساواة نابع من الكونية. و من الكونية انبثقت ضروب من الكفاح ما تزال
متواصلة إلى اليوم: الكفاح من أجل أن تكون النساء مساويات للرّجال أمام القانون و أن
يلغى الرقّ و أن لا يشرع أبدا للتصرّف في حريّة أيّ كائن بشري و أن يعترف بكرامة
الفقراء و المساكين و المهمّشين و أن ينظر إلى الأطفال باعتبارهم أشخاصا بأتمّ
معنى الكلمة. أثار هذا الإقرار بكونية الإنسان الرغبة في التعرّف على مجتمعات أخرى
غير تلك التي يولد فيها المرء."[2]
من هذا المنطلق يرتبط الكوني بحقوق الإنسان و الحريّات و الثقافة و الديمقراطية أمّا
العولمي فهو عولمة التقنيات و السوق و السياحة و الإعلام. لقد امتلك الكوني بما هو
ثقافة المتعالي و الذات و المفهوم و الواقعي حظّه التاريخي عندما عمل على إدماج
الخصوصيات مع الإبقاء على اختلافها ضمن الكلّ المشترك كاختلافات لكن لم يعد من
الآن فصاعدا ينجح لأنّ العولمة كفضاء للافتراضي و الرقمي و المحايث و المرئي
انتصرت عليه و قضت على كلّ الفروقات و لم تبق إلاّ خصوصية واحدة مهيمنة هي ديانة توحيدية
جديدة هي ديانة السّوق. إنّ الكوني كان فكرة جميلة يطمح أن يعانقها كلّ خصوصي و لكن
عندما حاولت العولمة أن تحقّقه في العالمي انتحر كفكرة و كغاية مثالية و تحوّل إلى
وسيلة تعبئة وآلة للصهر و الإدماج لا غير. في هذا السياق يقول تودوروف: "فالقرن
العشرون بصفة خاصّة الذي شهد مجازر حربين عالميتين و قيام أنظمة شمولية في أوروبا
و خارجها بالإضافة الى ما أدّت اليه الاختراعات التقنية من دمار و تقتيل... بدا و كأنّه
يسفّه نهائيا جميع الآمال المعبّر عنها في الماضي ممّا دفع الكثيرين إلى الكفّ عن
الانتساب إلى الأنوار و صارت الأفكار التي تتضمّنها كلمات من قبيل إنسية، تحرّر، تقدّم،
عمل و إرادة حرّة فاقدة لكلّ اعتبار".[3]
إنّ الحياة وهبت للعولمة على حساب موت الكوني و نقيضه
الخصوصي و رديفه العالمي و لكن هناك من يموت من خصوصيته عندما تتحوّل إلى عالمي و هناك
من يموت لفقدان خصوصيته عندما تتعولم و تفقد رغبتها في التطلّع إلى الكوني. زد على
ذلك أنّ العولمة هي اختراق للعالمية و تمييع لها بإقصاء الخصوصيات الثقافية أمّا
العالمية فهي إغناء للهويّة الكوكبية بالاعتراف بالخصوصيات و تحقيق التفاعل بينها. من البيّن أنّ العولمة هي النموذج الذي يرى أنّ اقتصاد
السوق الحرّ هو المهيمن على العالم و أنّ الرأسمالية هي ديانة البشرية و أنّ المركزية
الثقافية تركت مكانها للنسبية الثقافية، أمّا
العالمية فهي جماع تفاعلي و تثاقف و نزوع يعتبر التنوّع و التعدّد و الاختلاف أمور
ضرورية بالنسبة الى بناء الحضارة الإنسانية و يدعو إلى التفاعل بين مجمل الثقافات
و الحوار بين الأديان و التكامل بين المجتمعات و يخاطب إنسانية الإنسان و القيم
المشتركة بين الناس. تشير العولمة إلى ثلاث عمليات حدثت على مسرح التاريخ الأممي:"
* زيادة
حجم التبادل بين المجتمعات سواء تمظهر ذلك على شكل تجارة أو رأس مال أو حجم
العملات المتبادلة أو حركة السياح و المهاجرين.
* تخفيض
الحواجز و إلغاء دور الحدود بين المجتمعات و الدول و تطبيق مبدأ دعه يعمل دعه يمرّ على الاستثمار و فتح الأسواق و إزالة
الأداءات الجمركية.
* زيادة التجانس بين الدول
و المجتمعات و تفعيل التقارب بين الثقافات".
العولمة تعني على الصعيد الاقتصادي تحرير التجارة و زيادة
حركة تدفّق رأس المال عبر الحدود وعلى الصعيد السياسي هي زيادة التنسيق بين
الحكومات و الإيمان بفكرة المواطن الكوني و في الوقت نفسه زيادة التنسيق بين
المجموعات غير الحكومية عبر الحدود و الإيمان بفكرة المجتمع المدني العالمي، أمّا
على الصعيد الثقافي فتعني زيادة التفاعل بين الثقافات و تجاوز سيطرة الدولة أو
السلطات الثقافية الراسخة و ترافق الثورة التكنولوجية و الأنترنت المرتبطة بعلاقات
عابرة للزمن و الفضاء و الهويّة. لكن هل العولمة قدر؟ متى و كيف ستنتهي العولمة ؟
بل و على أيّ أساس و معيار يمكننا أن نحكم أنّها انتهت ؟ إنّ العولمة ستظلّ تشير إلى
هيمنة أقلّية الدول الغنية على بقيّة العالم الذي يتكوّن من دول فقيرة و في طريقها
إلى النموّ و إنّها ستعمل دوما على ربط دول الأطراف بدول المركز بشكل يقوّي من
التبعية و يزيد من التطوّر اللامتكافئ. إنّ أهمّ نتيجة للعولمة هي تفجّر العنف من
طرف العالمي نتيجة خلقه لعدّوه و دخوله معه في صراع ضارّ من أجل الاحتواء و ردّ
الطرف المقابل الفعل في حركة لا تنتهي. لقد أدّى اشتعال الحرب إلى إرباك في مستوى
علاقة الثقافات بقيمها و إلى لجوئها إلى منطق الثأر و الانتقام من كلّ ثقافة تدّعي
العالمية و فقدانها لأيّة صلة تربطها بالكلّي. في هذا السياق يصرّح فريد
هاليداي: "إنّ هناك حاجة إلى أن نكون نقديين و
قلقين إزاء الرفض المعاصر للكونية فالاحتفاء بالجماعات و ما يرافقه من مزاعم حول
الشرعية التي يتمتّع بها هذه الجماعات و السلطة المنسوبة للفئة التي تسيطر عليها
تنطوي على مخاطر سياسية و أخلاقية". [4]
أمّا الكونية بمعناها الأصلي فهي نوع من العالمية التي
تعني التخاصب و التفاعل بين الثقافات الإنسانية وهو تفاعل و تخاصب يعتمد على مبدأ
التوازن و التكامل و التكافؤ و يهدف الى إغناء التجربة الثقافية الإنسانية و تأصيل
قيمها المشتركة. و من هنا فإنّ الكونية مطمح الإنسانية و مجال لالتقاء و حوار
الثقافات تستند لثقافة حقوق الإنسان و الديمقراطية و المواطنة و لتحقيق الكونية
الجذرية لا بدّ من توفّر جملة من الشروط أهمّها الانفتاح و الاعتراف و القبول
بالاختلاف و المحافظة على التنوّع و استثمار التعدّد و الإيمان بالتسامح و الابتعاد
عن العنف و التخلّي عن التعصّب و العزلة و الانطواء. و قد عبّر عن هذا الرأي كلود
ليفي ستروس عندما
صرّح: "إنّ الحضارة تفرض تعايش ثقافات متنوّعة إلى أقصى حدّ و تقوم هي بالذات
على هذا التعايش. إذ لا يمكن للحضارة العالمية أن تكون شيئا آخر على المستوى
العالمي غير تحالف للثقافات التي تحتفظ كلّ واحدة منها بخصوصياتها" [5].
إنّ الحوار يسمح بإدماج الخصوصيات في البعد الكوني و تحقيق
التلاقح بين الهويّات من أجل تشييد الهويّة المركّبة و يقتضي مبدأ المثاقفة أن
نفتح الإنّية على الغيرية و أن يكون الأنا وجها لوجه مع الآخر و أن يتعايشا على
الرغم من التنافر بينهما لأنّ التمايز عن الآخر يقتضي منحه الاعتراف بكرامته و خصوصيته
الثقافية و القبول به كآخر و التواصل معه انطلاقا من القيم الإنسانية المشتركة مثل
العدالة و الحريّة و المساواة. من هذا المنطلق يمكن تصوّر كونية جذريّة تتّسم
بالواقعية و جوهر هذه الكونية ليست نتاج الفكر الغربي بل هي إفراز للفكر البشري
عموما الذي ساهمت فيه و كلّ ثقافات العالم سواء الآن أو عبر القرون الماضية و لا تزال
تساهم فيه عبر مسار معقّد من التفاعل و التلاقي التوليدي، لكنّ التحدّي الذي يطرح
هنا هو كيف انحرفت الكونية من مجال القيم الإنسانية إلى مجال لتبرير الهيمنة و الاستعمار
لتصبح شكلا من أشكال العولمة ؟ أَوَليست الكونية بهذا المعنى هي خصوصية مُكوْننة
خاصة في عصر تسيّدت فيه عالمية الغرب بمقتضى مركزيته الذاتية المنتفخة و المتورّمة؟
ألم يدعو صاموال
هنغونتون إلى
صدام الثقافات باعترافه أنّ القرن الجديد قد يشهد صراعات دموية و قد تنشأ صراعات
أخرى داخل الحضارة ؟ ألم يبيّن أنّ "الكونية الغربية على بقية العالم لأنهّا
قد تكون مصدر حرب بين الدول المشعّة في حضارات مختلفة"[6] و
لأنّ الفكرة التي تدعو المجتمعات الأخرى إلى تبنّي النموذج الغربي في التقدّم و الحداثة
هي فكرة لا أخلاقية مرتبطة بالنفوذ و إرادة الهيمنة و بالتوسّع العالمي للحضارة
الغربية ؟ ثمّ لماذا أعلن فرنسيس فوكوياما نهاية
التاريخ و ظهور الإنسان الأخير و انتصار نموذج الدولة الليبرالية الديمقراطية
الأمريكية ؟ ألا تعني العولمة في نهاية أمركة العالم ؟
خلاصة القول أنّ الكونية Universalisme هي
الذهاب من الخصوصية إلى معانقة ما هو مشترك من قيم بين الإنسانية وهي أفق للبشرية
و حلم الثقافة الاإنسانية يستند إلى مقولات التقدّم و العقل و التضامن و الحداثة،
أمّا العولمة
Mondialisation فهي على حدّ عبارة ريتشارد
رورتي من ابتكار الشعوب الغنّية بهدف التستّر على
مصالحها السياسية أي أنّها تقوم على اجتياح الثقافات الأخرى و تمكّن القوى الكبرى
من السيطرة على بقية الدول سيطرة اقتصادية و سياسية و ثقافية، لكن رغم ذلك يظلّ
الباب مفتوحا لتأمّل البشرية في بناء عالمية Cosmopolitisme تعبّر
عن التنوّع الثقافي و تحقّق الاعتراف العادل و المتبادل بين الخصوصيات بحيث تنفتح
على بعضها البعض مع احتفاظها بتنوّعاته و الإيمان بمجموعة من القيم المشتركة مثل
حقّ الضيافة و الاعتراف بالآخر و تأسيس علاقة حوارية بين الأديان و الثقافات في
إطار من الاندماج و العيش المشترك.
يقول بول
ريكور حول
هذا الموضوع: "إنّ الإنسانية باعتبارها جسما واحدا تدخل ضمن حضارة كونية
واحدة تمثّل في الآن نفسه تقدّما عظيما للجميع و مهمّة جسيمة لبقاء التراث البشري
و تكيفه مع هذا الإطار الجديد. إنّنا نحسّ كلّنا و إن بدرجات متفاوتة بوجود توتّر
بين ضرورة هذا المرور و هذا التقدّم من ناحية و مطلب الحفاظ على موروثنا من ناحية
ثانية."[7] حول ضرورة تعدّد
الثقافات و تواصلها من أجل بناء حضارة بشرية واحدة: "حينما يكتب باسكال
"يمكن اعتبار الإنسانية كلّها كإنسان واحد يتعلّم و يتذكّر باستمرار" فإنّ
عبارته هذه تعني... اذن وحدة النوع البشري مجرّدة خالصة عقلانية تستتبعها جميع
التمظهرات الأخرى للحضارة الإنسانية".[8]
هذا ما رآه تودوروف عندما
قال: "أمّا إذا تجاوز الأمر حدود البلد الواحد فإنّ الكونية تكتسي معنى آخر
فكما أنّ سكّان بلد ما ينبغي أن يرقوا جميعا إلى مستوى المواطنة ينبغي كذلك اعتبار
جميع سكّان المعمورة من الوهلة الأولى كائنات بشرية بأتمّ معنى الكلمة لأنّ ما
يجمع الناس أكثر ممّا يفرّقهم" [9]
مدار الأمر عندنا أن "ثمّة وحدة إنسانية و ثمّة تنوّع إنساني"
و أنّه "توجد وحدة إنسانية بقدر ما يوجد تنوّع إنساني"
و أنّه "علينا أن نتصوّر وحدة تضمن التنوّع و تميّزه و أن نتصوّر تنوّعا
ينخرط في وحدة" [10] و
كما قال إدغار موران وحدة
مركّبة و خلاّقة تجعل التنوّع يعيد إنتاج الوحدة و الوحدة تحافظ على التنوّع. زد
على ذلك أنّ الكونية كمطمح إنساني و حضاري أصبح الكلّ يريد بلوغها سواء كان فردا
أو مجموعة من أجل الانخراط في العالمي و المساهمة في مسار التقدّم و التحديث و العصرنة
التي تعرفها البشرية على مرّ تاريخها لأنّ البشر مواطنو عالم واحد و لكون شبح
العولمة بدأ يخيّم على الآفاق و بدأ يهدّد الكوني بالاندثار لأنّ التشبّث بالخصوصي
قد حوّله إلى منطق للاستبعاد و إهماله قد أدّى إلى إهلاك الكوني. عندئذ "
ليست الكونية مسؤولة عن الصورة التي يمكن أن نشكّلها لأنفسنا فحسب بل هي تفتح
إمكانا لمشروعية جديدة في هذا العالم الذي لم يعد فيه الخير و الشرّ أن يبقيا
قائمين على كلمة الربّ و لا على الدروس المستقاة من التقاليد" [11]
فهل مازال الوقت مناسبا للحديث عن الأممية و العالمية في ظلّ عصر نعجز فيه عن
تحقيق التماسك و الاستمرارية و التطوّرية لوطنّيتنا القطرية ؟ فهل يكفي تأسيس
دستور سياسي كوني و نكلّف هيئة أممية بحمايته و تطبيقه حتّى تدخل كلّ دول العالم
في علاقات سلمية دائمة و متبادلة و تضع حدّا لحالة الحرب التي دأبت البشرية على
معايشتها ؟ أليست أكبر مشكلة تعاني منها البشرية اليوم هي كيفية إيجاد عالمية
ترتكز في قوامها الوجودي على احترام مبدأ الحقّ الكوني ؟ ما هو دور الفيلسوف
الديمقراطي في عصر العولمة ؟ ألا يتطابق مع المثقّف الكوني الذي يتخلّى عن خصوصيته
و يتصرّف وفق مبادئ كلّية محافظا على التنوّع كما يرى هيجل ؟
فهل يكون المثقّف الكوني هو الطرف الفاعل في زمننا الذي يتميّز ببروز ثلاث حتميات
تمنع كلّ مبادرة فردية وهي حتميات السوق الجينوم البشري و الصفائح الالكترونية ؟ فكيف يواجه هذا
المثقّف لوحده جحيم العولمة و يعيد للكوني اعتباره في ظلّ عالمية بديلة دون أن
يهمل تنمية الخصوصيات ؟ ماهي الشروط التي ينبغي أن تتوفّر حتّى نحصل على كونية
منفتحة على التعدّد ؟
المراجع:
تزفيتان تودوروف: روح الأنوار تعريب حافظ قويعة دار محمد
علي الحامي للنشرـ صفاقس ـ تونس الطبعة الأولى: 2007
جان بودريار: السلطة الجهنّمية ـ مقال عنف العالمي ترجمة بدر الدين عدروكي ـ مجلّة
الفكر العربي المعاصر عدد: 135 / 134
فريد هاليداي: الكونية الجذرية لا العولمة المتردّدة
ترجمة خالد الحروب دار الساقي الطبعة الأولى: 2002
صاموال هنتغتون: صدام الحضارات و إعادة بناء النظام
العالمي ـ ترجمة: مالك عبيد أبو شهيوة و محمود محمد خلف الدارـ الجماهيرية للنشر و التوزيع ـ ليبيا 1999
Claude Lévi-Strauss
Race et Histoire Ed Gonthier 1961
Edgar Mourin Humanité
de l'humanité Ed Seuil 2001
Paul Ricœur Histoire
et Vérité Idéa Cérès Edition 1995
الهوامش:
[1] جان بودريار: السلطة الجهنمية ـ
مقال: عنف العالمي ـ ترجمة بدر الدين عدروكي مجلّة الفكر العربي المعاصر عدد: 135/134
ص: 44
[2] تزفيتان تودوروف: روح الأنوار
تعريب حافظ قويعة دار محمد علي الحامي للنشر صفاقس تونس الطبعة الأولى 2007 ص18
[3] تزفيتان تودوروف: روح الأنوار
تعريب حافظ قويعة دار محمد علي الحامي للنشر صفاقس تونس الطبعة الأولى 2007 ص20
[4] فريد هاليداي: الكونية الجذرية لا
العولمة المتردّدة ترجمة خالد الحروب دار الساقي الطبعة الأولى: 2002 ص232
[5] Claude
Lévi-Strauss Race et Histoire Ed Gonthier 1961
[6] صاموال هنتغتون صدام الحضارات
وإعادة بناء النظام العالمي ترجمة مالك عبيد أبو شهيوة و محمود محمد خلف الدار
الجماهيرية للنشر والتوزيع لبيا 1999
[7] Paul Ricœur
Histoire et Vérité Idéa Cérès Edition 1995 p319
[8] Paul Ricœur
Histoire et Vérité Idéa Cérès Edition 1995 p319
[9] تزفيتان تودوروف: روح الأنوار
تعريب حافظ قويعة دار محمد علي الحامي للنشر صفاقس تونس الطبعة الأولى 2007 ص110
[10] Edgar Mourin
Humanité de l'humanité Ed Seuil 2001 p70-71
[11] تزفيتان تودوروف: روح الأنوار
تعريب حافظ قويعة دار محمد علي الحامي للنشر صفاقس تونس الطبعة الأولى 2007 ص112
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق