تصدّع الحداثة: الصراع على العالمية (اليونيفرسال)
رضوان زيادة: كاتب و باحث من سورية.
تآكل الحداثة و ولادة ما بعد الحداثة:
تعرّضت الحداثة إلى نقدٍ جذريّ استهدف تقويض أسسها، و تعدّ فكرة زعزعة المركزية الغربية من أهمّ الأفكار التي روّجت ما بعد الحداثة لها و عملت على ترسيخها عن طريق توجيه السّهام المتكرّرة إليها، و إن كانت هذه الأفكار تعود عملياً إلى فلاسفةٍ آخرين لم يعتبروا ـ تصنيفيّاً ـ من مفكّري ما بعد الحداثة كليفي شتراوس وميشيل فوكو و غيرهم.
لقد تعرّضت الحداثة غربياً إلى نقدٍ طال الأسس التي قامت عليها (1)، و على ذلك حاولت الكتابات ما بعد الحداثية أن تعلن أنّ عصراً جديداً قد بدأ، و أنّه لن يكون غربياً بامتياز كما يصرّ روّاد الحداثة، و إنّما ستتوحّد التواريخ لتصنع تاريخاً واحداً تشترك فيه
فمصطلح الحداثة بتعبير بيتر بروكر كان بناءً على ما قامت أركانه بعد وقوع الحدث نفسه (2)، فاستخدام اللفظ كان حديثاً جدّاً و محصوراً بالحقل الأدبي، إذ عنت الحداثة عندها (الجدّة) بما هي أداةٌ للإبداع الخلاّق و الرؤى المبتكرة. و من غير شكّ فإنّ لفظة "الحداثة" تحتفظ بالكثير من قوّتها وَ ألَقِهَا بسبب ارتباطها بشعور معاصرٍ متميّز يعني أنّنا نعيش في أزمنة جديدة بالكامل، فالحداثة هي وعي جديد، شرطٌ تمكّن الغرب من تحقيقه و إنجازه و أحياناً تفاعل ضدّه من أجل تقويضه و إلغائه.
فالحداثة ـ وفقاً لذلك ـ زمن تاريخي أكثر من كونها تمثّل وعياً جديداً، و إن كان هذا الوعي الجديد قد تمظهر في فترة تاريخية محدّدة مِمَّا جعلها لَصِيقَةً بعددٍ من المحدّدات بدءاً من العقلانية و التنوير و انتهاءً إلى فكرة التقدّم، فهي تتجلّى إذاً في مجموعة من القيم التي تعبّر عن روح الزمن و فعل العصر؛ لذلك يبدو من غير المُجْدِي أن نبحث عن تأريخ للحداثة و تقسيم العصور وفقاً لها على اعتبار أنّ اكتشاف العالم الجديد و التوسّع الاستعماري و استحواذ أسواق جديدة يرمز إلى عصر النهضة، و النزعة الإنسانية و الإصلاح البروتستانتي يرمزان إلى عصر الأنوار، ثمّ في القرنين السابع عشر و الثامن عشر أرست الحداثة قواعدها الفكرية مع عقلانية ديكارت الذي يعتبره المفكّر الأمريكي ما بعد الحداثي ريتشاد رورتي أَبَ الحداثةِ و مؤسّسها، أمّا هابرماس فإنّه يعيد الحداثة إلى عصر الأنوار معتبراً أنّها مشروعٌ لم يكتمل بعد (3) في حين أنّ النقّاد الأدبيين يحدّدون تاريخ ميلاد الحداثة في النصف الأوّل من القرن العشرين، و يستخدمون المصطلح للدلالة على مجموعة من الحركات التي جاءت لتحطيم الواقعية أو الرومانسية و كان ديدنها التجريد و الإغراق في الرمزية كالانطباعية و التعبيرية و التكعيبية و الدادائية و السريالية مع الإقرار بعدم وجود ما يوحّد هذه الحركات، بل إنّ بعضها جاء ثورة كاسحة على بعضها الآخر (4)، كما أنّ الحداثة كمشروع إنساني و حضاري لم يتبلور في الحقل الأدبي بقدر ما بدا و ظهر في حقل العلوم الإنسانية و الاجتماعية، و أصبحت عندها الحداثة بمثابة مجموعة قيم متّصفة بها تتخلّق من خلالها و ترسّخ وجودها في العالم عبر ثورات تقنية و معلوماتية متكاملة.
يظهر عندها مفهوم العقل و العقلانية بوصفهما الحامل الفلسفي للمشروع الحداثي، ولاسيما أنّ العقلانية قد اتّخذت مع ديكارت بوصفها أساس الحقيقة و المعرفة، إنّها القيمة المطلقة و الخطّ الفاصل بين عالم الآلهة القديمة و عالم الإنسان الحديث مركز الكون، ففكرة الحداثة إذاً مقترنة اقتراناً وثيقاً بفكرة العقلانية كما يصرّ على ذلك آلان تورين في قراءته لمشروع الحداثة (5)، و لكنّه يتساءل هل ترتدّ الحداثة في مشروعها إلى العقلانية ؟ هل هي تاريخ تقدّم العقل الذي هو أيضاً تقدّم الحرّية و السّعادة و تاريخ هدم المعتقدات و الانتماءات و الثقافات التقليدية، إنّه يرى أنّ المشروع الغربي للحداثة لم يقتصر على ذلك و إنّما أراد هذا المشروع أن ينتقل من الدور الأساسي المعترف به للعقلانية إلى فكرةٍ أوسع هي فكرة مجتمع عقلاني يحكم فيه العقل لا النشاط العلمي و التقني فحسب، بل حكومة البشر و إدارة الأشياء، فالحداثة تصوّر المجتمع على أنّه نظام يخضع للعقل بوصفه الأداة الوحيدة لتحرير الطبيعة الإنسانية من جميع السلطات المحيطة به و بوصفه أيضاً المبدأ الوحيد لتنظيم الحياة الفردية و الجماعية من أجل تحقيق: التجرّد من كلّ تحديدٍ للغايات النهائية.
كذلك يشكّل مفهوم التقدّم الكلّي القائم على أساس التطوّر الخطّي للتاريخ مفتاحاً رئيساً لفهم الحداثة وفق حراكها التاريخي، فالتقدّم غاية التاريخ و تحقيقه يشكّل الرّهان الرئيس المفروض على العقل البشري، و هنا لا نلحظ اختلافاً كبيراً بين الفلسفتين الماركسية والليبرالية فيما يتعلّق بمفهوم التقدّم، و إن كانت الماركسية تضعه كبديلٍ عن التاريخ نفسه عندما تمجّده ليصبح الصراع الطبقي مدخلاً رئيساً من أجل إنجاز التقدّم التاريخي و لذلك ظهرت مقولة نهاية التاريخ مبكّرة عند هيغل ليعود فوكوياما و يستثمرها في سياقٍ آخر مختلف معتبراً أنّ التاريخ انتهى الآن لحساب الفلسفة الليبرالية التي سادت العالم و أصبحت بمثابة المنتهى لجميع الحضارات (6)، و مفهوم التقدّم كان حاضراً أيضاً في الفلسفتين النازية و الفاشية و إن اختلفتا في طريقة تحقيقه، مهما يكن من أمر فإنّنا نستطيع القول بأنّ التقدّم التاريخي قد شكّل الحامل الرئيس للحداثة و بنيان مشروعها؛ لذلك كان لا بدّ أن تركّز فلسفة ما بعد الحداثة بشكل أوّلي على نقض مفهوم التقدّم التاريخي و إبرازه بشكل كارثي، وهذا ما جعل ما بعد الحداثة تدخل في جدلٍ دائم و مستمرّ مع الحداثة، بل إنّ وجودها مرتبطٌ بضرورة نقدها و هذا ما استدعى هابرماس إلى القول بأنّنا بدلاً من التخلّي عن المشروع الحداثي لحساب الفوضى التي يطلق عليها ما بعد الحداثةَ علينا أن نجدّد المشروع الحداثي عن طريق ترميم أخطائه و تجاوزها، فما بعد الحداثة لا تتحدّد إلاَّ انطلاقاً من الأقانيم التي أَسَّسَتْ عليها الحداثة رؤيتها للعالم، و العكس صحيح أيضاً. ذلك أنّه مع ظهور التيّار ما بعد الحداثي اكتشفنا الحداثة بشكل مختلف، و تمكنَّا من التعرّف عليها ليس فقط في ضوء مشروعها التاريخي الغربي و إنّما في آثارها و حقولها المختلفة مِمَّا جعل الحداثة و إرثها التاريخي تبدو متآكلة و بالية، و على حدّ تعبير ليريس (فالحداثة أصبحت مُلْغَاةً في هذه الأزمنة الكريهة، إنّها شيء تجاوزه الزمن، لقد كفّت الحداثة عن أن تكون حديثة) (7) و تكاد الأدبيات الحديثة تستغرق في وصف (أزمة الحداثة) و في بيان رثاثتها و تناقضاتها بحيث غدت هذه الأدبيات ليست مقتصره على تيّار أيديولوجي معيّن بقدر ما أصبحت نقطة البدء في القول الفلسفي و الأدبي و السياسي و المعماري و الفنّي و غير ذلك، فنحن لا نعيش أزمة وحيدة محدّدة بقدر ما كشفت الحداثة عن أزمات عديدة جائلة في كلّ الأرجاء (8)، ضمن هذه المشروعية المعرفية سيجد تيّار ما بعد الحداثة مبرّراته النقدية، و سيجد في أقانيم الحداثة القائمة على مفاهيم العقلانية و التقدّم و الذاتية و التنوير صنمياتٍ أسّست للفجائع الإنسانية المتزايدة بحيث بدا التقدّم التقني غاية في حين لا يرى إلى الكوارث الطبيعية و الإنسانية التي أنتجها، باختصار لقد فقدت الحداثة مبرّر وجودها و كان لا بدّ من إعلان نهايتها ليس من أجل الدخول في عالم جديد، إذ يبدو المثقّفون ما بعد الحداثيين الأكثر بعداً عن تقديم تصوّر كهذا أو أن يجعلوا هدفهم هو ذلك، إنّهم يرون ضرورة انهيار السرديات الكبرى حسب تعبير ليوتار و لكن ليس من أجل إنشاء أخرى مكانها و لكن من أجل جعل الواقع الذي نعيشه أكثر واقعية و أبعد عن الوهم الذي رافقنا و كِدْنا نرتهن إلى الأبد في حبائله.
افتراق الحداثة و نهاية الغرب:
لكن، إذا كان مفهوم الحداثة قد تعرّض (للزحزحة التاريخية) و للنقد الجذري من قبل فكرة ما بعد الحداثة، فإنّ الأصول التاريخية أو الحامل الحضاري لهذا المفهوم تشهد تنازعاً حقيقيّاً اليوم، إذ يختفي تحت الجدل الدائر حول مفهوم (الكونية) أو (العالمية) و (الخصوصية) صراعٌ خفيّ حول إسهام الحضارات الأخرى في بلورة هذه (القيم الكونية) و على رأسها الحداثة. فالمؤمنون بالخصوصية يحاجُّون أن هذه القيم ليست كونيةً البتّة، بل هي تنحدر بالأخصّ من حضارة الغرب المسيحي ـ اليهودي. و هم يجادلون بأنّ الإقرار بكونية هذه القيم يُلغي خصوصية الثقافات الأخرى. لكن مع الإقرار في الوقت نفسه أن هناك حقائق أخلاقية أساسية معيّنة يشترك كلُّ العالم في الإقرار بها. إنّ لكلّ حضارة و ثقافة مسارَ تشكّلٍ خاصٍّ بها مرتبطٍ بتطوّرها، و اتّساقاً مع ذلك يفرز هذا المسار مفاهيمه التي تعبّر عن رؤيةٍ للعالم خاصّةٍ به حسب تعبير (اشبنجلر) و نظرةٍ للآخر مُشكَّلة وفق بُناهُ التي أفرزها التاريخ المجتمعي بكلّ مصائره و اختلافاته و تحوّلاته.
فإذا كان التصدّع قد أصاب الثقافة الغربية ذات الأصل التاريخي المشترك و الهوّية المسيحية اليهودية الواحدة و التحالف السياسي الاقتصادي الاستراتيجي منذ نهاية الحرب العالمية الثانية، فإنّه من الأسهل علينا القول إذاً بأن (الثقافة الكونية) أكثر بعداً و نأياً مِمَّا نتخيّله. فالصراع على القيم في جوهره هو اختلافٌ على المصالح و الرؤى و امتلاك الأفضلية، و أنّ التفوّق الحضاري الذي يشمل تفوّقاً فكرياًّ و تكنولوجياًّ و اقتصادياًّ و سياسياًّ و عسكرياًّ سيفرض حتماً تفوّقاً قيمياًّ لصالحه، هذا ما يعلّمنا إيّاه التاريخ، و الواقع المعاصر لا يبدو أنّه يشذُّ عن تاريخه، لا، بل إنّه يصدّقه ويؤكّده.
و هكذا و بقدر الالتباس المفاهيمي و المعرفي و التاريخي الذي يحيط بمصطلحي (الغرب) و (الشرق) ـ خاصّةً عندما يتمّ التعامل معهما بوصفهما مفهومين ما هو بين قارين تتلبّسهما النزعة الجوهرية، حيث إِنَّ الغرب لم يخلق غرباً و لا الشرق كذلك ـ فإنّ كلا المفهومين يخضعان لمراجعة تاريخية تلغي صفاتهما البنيوية و تعيد إليها قراءتهما في إطار السياق التاريخي، فليس الغرب مقولة جغرافية ولا إثنية و لا دينية و لا لغوية، بل هو بالتحديد مقولة ثقافية، و الأمر ذاته بالنسبة للشرق، بيد أنّه الغرب ذاته اليوم يعيد التفكير في ما هويته، فهل الغرب كلٌّ موحّد، و هل ثباته البنيوي عَصِيٌّ على التغيّر و الانقسام ؟.
لقد أحدث التعاطي الأمريكي مع أحداث الحادي عشر من أيلول / سبتمبر شرخاً عميقاً في العلاقات الأمريكية ـ الأوروبية، و بدا الحديث يقترب أكثر عن طبائع أمريكا و طبائع أوروبا، بل إنّ مقولة (نهاية الغرب) أصبحت عنواناً للكثير من التفسيرات و التحليلات التي حاولت قراءة التحوّلات العميقة التي يمرّ بها المسار الفكري للقيم الغربية.
كان الرئيس جورج بوش نفسه قد أعلن بعد مرور عام على أحداث الحادي عشر من أيلول / سبتمبر2001 م، أنّ: (تلك الأحداث المريرة أضفت وضوحاً أكبر على الدور الأمريكي في العالم) و يضيف (تتمثّل الفرصة الأمريكية الأهمّ في إيجاد توازن للقوّة في العالم يدّعى الحرّية الإنسانية) و هذا بدوره ينيط دوراً (بالقوّة العظمى في العالم كي تقف في جانب واحد و تواجه تهديدات مشتركة من التعرّض للعنف الإرهابي و اندلاع الفوضى، كما أنّها تقترب أكثر نحو منظومة قيم متقاربة) (9). منظومة القيم المتقاربة تلك التي تحدَّثَ عنها الرئيس بوش تبدو اليوم أكثر بعداً أو نأياً من أي يومٍ مضى، ذلك أنّ منظومة القيم تلك بدت أكثر اقتراباً من الرؤية المحافظية الجديدة للعالم التي هي خليطٌ من إحياء القومية الأمريكية في مواجهة عدوّ متخيّل و مفترض تمثّل لها اليوم في الحركات الأصولية، و علاقة ملتبسة مع اللوبي الصهيوني الذي تتحالف معه سياسياًّ و تتناقض معه عَقَدِياًّ (10)، و في الوقت نفسه هي رؤية عظامية للذات موجّهة ضدّ أي منافس سواءً أتمثّل في الصين أم في الاتّحاد الأوروبي (11).
فبعد الحادي عشر من أيلول / سبتمبر2001 م تمحورت الفكرة الأوروبية على ضرورة توسيع أطر الأنظمة القضائية الجزائية التي كانت تعمل على المستوى المحلّي لكي تصبح في المستقبل أكثر شمولية، وعندما خاضت بعض هذه الدول الحرب على أفغانستان مع الولايات المتّحدة فإنّما دخلتها من باب تعاطفها الأوّلي مع الولايات المتّحدة بعد مصابها و كرهها لنظام طالبان الاستثنائي في قيمه و رؤيته للعالم. بيد أنّ الولايات المتّحدة أرادت من خلال (حربها على الإرهاب) أن تخوض حرباً مستمرّة و دائمة لتحقيق: أهدافها و طموحاتها، وهو ما وضع الولايات المتّحدة ضدّ البقية على حدّ تعبير فوكوياما، ذلك أنّ معظم دول العالم أصبح يؤمن أنّ القوّة الأمريكية ـ و ليس الإرهابيون المُزوّدون بأسلحة الدمار الشامل ـ هي من يزعزع استقرار العالم و تبدو هذه القناعة راسخة لدى العديد من الدول الأوروبية الحليفة للولايات المتّحدة. و هكذا و بقدر الاتّساع العميق في الرؤيتين الأوروبية و الأمريكية لآلية التعاطي مع منفذّي أحداث الحادي عشر من أيلول / سبتمبر، فإنّه ـ من غير شكّـ أفرز انقساماً حاداًّ في رؤية (الغرب) لذاته، و ربّما لأوّل مرّة. فبالنسبة لهنتنغتون يتحدّد الغرب بعددٍ من الصفات استمدها من مسيحيته، تعدّديته، فردانيته، و حكم القانون، فهي الأمور التي مكّنت الغرب من اختراع الحداثة و التوسّع في أرجاء العالم، و من أن يصبح محلّ حسد المجتمعات الأخرى (12). بيد أنّ الفرنسي فيليب نيمو يتحدّث عَمَّا يسمّيه (قسمات الحضارة الغربية) التي هي (قسمات ثقافية) يحدّدها في دولة القانون، الديمقراطية، الحرّيات الفكرية، العقلانية النقدية، العلم، الاقتصاد الحرّ القائم على حرمة الملكية الخاصّة، و هذه القيم و المؤسّسات ـ التي تمخّضت عبر مسار تاريخها الطويل ـ هي ثمرة بناء ثقافي معقّد شاركت في تكوينه أحداث ضخمة أساسية:
1 ـ اختراع الإغريق للمدينة الديمقراطية و للحرّية و للعلم و لمدرسة العقل.
2 ـ اختراع روما للقانون و للملكية الخاصّة و للشخص الإنساني.
3 ـ الثورة الأخلاقية و الأخروية (الكتابة) (نسبة إلى الكتاب المقدّس بعهديه القديم و الجديد) و التي أسّست (التاريخ) بقلبها مفهومَ الزمن من التصوّر الدوري إلى التصوّر الخطّي.
4 ـ الثورة البابوية في مطلع الألف الثاني للميلاد التي ردّت الاعتبار إلى العقل اليوناني و القانوني الروماني ورسمت استراتيجية جديدة لتحسين مصير العالم.
5 ـ الثورة الديمقراطية الليبرالية (13) و هكذا فالنسبة للأمريكي هنتنغتون و الفرنسي نيمو يتحدّد الغرب بوصفه تجربة تاريخية فريدة تحمل قيماً خاصّة تجلّت في مفاهيم ثقافية و قانونية و حضارية كان لها الأثر الأكبر في التطوّر الذي عاشته أوروبا و الولايات المتّحدة. لكن، مجمل قيم الحداثة التاريخية التي استطاع الغرب بلورتها نشأت على أنقاض صراع استعماري توسّعي يحمل نمطاً من الهيمنة الثقافية، فالمركز ـ إذا اقتبسنا من النظرية الماركسية تحليلها الأوّلي ـ لم ينشأ و يتطوّر إلاَّ على حساب الأطراف التي أفقرت ليس بالمعنى المادي فحسب و إنّما كمنظومة قيم ثقافية (14). و تبقى الرمزية التاريخية ذات دلالة، فإذا كان اكتشاف العالم الجديد ـ المتمثّل في القارّتين الأمريكيتين ـ قد حدث في عام 1492 م كمؤشّر على مجمل إنجازات جغرافية و تقنية و فكرية جرى بناؤها بحيث جرى تدشين الغرب بدخوله عصر جديد من الحداثة قائم على القطيعة مع القرون الوسطى، فإنّه في العام ذاته 1492 م سقطت غرناطة آخر معقل للمسلمين في الأندلس، و سقوط القسطنطينية عاصمة المسيحية الشرقية، في أيدي الفاتحين العثمانيين بدا إذاً أنّ هناك توسّعاً للإسلام على حساب أوروبا من جانب و انحساراً له من جانب آخر، لكن بقيت أراضيه عرضة للنهب و السلب وفقاً لرغبات الإمبراطوريات الصاعدة. فرؤية المركزية الغربية تمحورت على النظر إلى الآخرين بوصفهم (برابرة) و بوصف الذات أو الأنا الغربية بأنّها المتحضّرة، و لذلك فإنّ نقد المركزية الغربية انطلق من تفكيك هذه الرؤية و خلخلتها على اعتبار أنّ تلك الرؤية الاختزالية التي انطلقت بشكل رئيس من علمي الأنثربولوجيا و الإثنولوجيا و كانت تهدف بشكل رئيس إلى السيطرة الاستعمارية و محاولة تبرير أو شرعنة الاستيلاء على أرض الغير و شعوبها أيضاً بالقوّة بغية تحضيرها أو تمدينها. بل إنّ توماس باترسون يرى أنّ اختراع كلمة (حضارة) نفسها إنّما يحوي بداخلها ـ على نحو ضمني ـ مقارنة تفضيلية، إذ إنّها تحكم بوجود شعب متحضّر و جمهرة غير متحضّرة و أدنى مستوى؛ لأنّهم غير متحضّرين، و تكون الشعوب غير المتحضّرة أحد اثنين: شعوب نقول لهم ليس باستطاعتكم أن تصبحوا متحضّرين، فهذا قدركم، و شعوب أخرى ينبغي عليهم أن يتحضّروا بأسرع ما يمكن و لديهم القدرة على ذلك (15) فالرؤية الغربية لفكرة الحضارة ابتدأت من صكّ مفهوم (التقدّم) على يدي بيكون وديكارت، فديكارت ـ الذي أعلى من شأن العقل ـ فإنّه أشار في المقابل إلى أن أنصاف الهمّج الذين بدؤوا بالتصرّف على نحو عقلاني عندما سنّوا الشرائع و القوانين لتنظيم الجرائم و المشاحنات، و أصبحوا عند هذا الحدّ متحضّرين، أو بعبارة أخرى فإنّ استخدام العقل عملية تحضّر. و أكّد ديكارت بعد ذلك على أنّ المجتمعات المتحضّرة أو الحديثة تميّزت بأنّها منظّمة عقلانياًّ و متفوّقة على أسلافها و معاصريها الأدنى عقلانياًّ، إذ استخدم أبناء المجتمعات المتحضّرة العقل هادياً للتغيير والتقدّم على عكس البرابرة و المتوحشّين في مجتمعاتهم السكونية المتخلّفة. و اعتقد ديكارت و معاصروه أنّ التنظيم الاجتماعي هو الذي ولّد مفهوم الحكومة بوصفها الصيغة الشرعية لتنظيم أمور المجتمع، و هنا نشأ مفهوم العقد الاجتماعي لدى روسو، و بدون الحكومة سوف ترتدّ المجتمعات، بما في ذلك الشعوب المتحضّرة، إلى حالة الهمّجية، و تلزم عن هذا نتيجة منطقية وهي أنّ التفوّق الأوروبي مردّه تحديداً إلى نظام الحكم و الوسط الاجتماعي الذي يفرز تطوّر الفنون و العلوم، و أنّه بدون الحكومة سوف يتوقّف محرّك التقدّم، بل سوف يرتدّ إلى اتّجاه معاكس. و مع سيادة نظرية الدارونية الاجتماعية بلغت الرؤية الغربية العظامية لذاتها حدّ العنصرية، إذ يقول جون روكفلر: (إنّ العرق الانجلو ساكسوني الذي انحدرنا منه نحن الأمريكيين، لم يتجاوزه أحدٌ في تاريخ الوجود)، و أضاف قائلاً (إن نموّ مشروعات الأعمال ليس إلاَّ بقاء للأصلح، و إنّه مجرّد إنفاذ لقانون الطبيعة و قانون الربّ) و هكذا أعاد الدارونيون الاجتماعيون ترتيب الأمم و الأعراق و الجماعات في تراتبيات هرمية، ولا يختلف مفهوم التحديث (Modernization) عن معنى مفهوم الحضارة لدى استخدامه من قبل الغربيين، إذ أصبح التحديث في جوهره و حقيقته عملية توسعية أو عولمة، و التي سوف تدمج المزيد و المزيد من هذه المناطق الجغرافية، و إذا كانت الحداثة ظهرت في المجالات الاقتصادية و السياسية إلاَّ أنّها سرعان ما بلغت أعماق المجتمع التقليدية و أثرت على كلّ شيء فيها حتّى أدقّ مظاهر الحياة اليومية، مثل المعتقدات الدينية و الأذواق و أنشطة أوقات الفراغ، فقد كان (التحديث) حسب التعريف المحدّد، جهداً لإعادة إنتاج العلاقات الاجتماعية و الثقافية الرأسمالية في بلدان العالم الثالث، و لكّنها و بسبب انبعاثها أو صدورها من بلدان رأسمالية صناعية في الغرب أضحت عملية تجنيس، أي تهدف إلى جعل بلدان العالم الثالث أكثر شبهاً و تجانساً بالحضارة الرأسمالية الغربية في مظاهرها (16).
فولادة الغرب كمصفوفة فكرية احتاج انهياراً كاملاً لكلّ الأنساق الفكرية التي كانت موجودة، ولا يعني ذلك بالضرورة أن الحملات العسكرية كان لها الأثر الحاسم في ذلك الانهيار، بل ربّما تكلّست هذه الأنساق من داخلها و هرمت، و لم تحتجّ إلاَّ إلى لحظة الدفع الأخيرة كلحظة تدشينية لنهاية عهد و دخول عهدٍ جديد، كما حدث في إعلان نهاية الخلافة العثمانية عام 1924 م.
بيد أنّ الغرب هذا ذاته سواءً أتكوّن تاريخياًّ على حساب الغير أم تبلور ثقافياًّ و تحدّد قيمياًّ ـ فإنّه اليوم يشهد انشقاقاً مصيرياًّ شَبَّهَهُ تشارلز كوستبشان بانشقاق الإمبراطورية الرومانية، بعد أن قرّر ديوقليتانس في نهاية القرن الثالث أن يقسّم الإمبراطورية إلى مقدّسات شرقية و غربية، قائداً ذلك إلى تأسيس عاصمة ثانية في بيزنطـة وهي التي اختـارها قسطنطين ليعيـد تسميـة القسطنطينيـة في عـام 423 هـ، و برغم تراث روما و القسطنطينية المشترك في الدين و العقيدة و القانون و العرف فإنّهما وقعا فريسةً للتنافس المحموم على السلطة، وهو ما أنهى الإمبراطورية الرومانية و قادها إلى الزوال (17). فالخلاف بين أوروبا و أمريكا اليوم يدخل في سباق شبيه بذلك، فأوروبا اليوم تقوّي وعيها الجمعي و شخصيتها، و تصوغ إحساساً أوضح للمصالح و القيم التي هي مختلفة تماماً عن تلك الأمريكية، و لذلك يتساءل فوكوياما: هل لا يزال مفهوم (الغرب) قائماً كعبارة ذات مدلول ؟. يميّز فوكوياما الخلافات بين الدول الغربية على أساس مفهوم (الشرعية الديمقراطية) على المستوى العالمي، و محور النزاع الأوروبي ـ الأمريكي يدور حول ذلك، فهناك خشية أوروبية من الأحادية الأمريكية كما تمثّلت في خروج الولايات المتّحدة على (اتّفاقية كيوتو) المتعلّقة بارتفاع درجات حرارة المناخ العالمي، و كذلك انسحابها من الاتّفاقية المضادّة للصواريخ البالستية، مع سعيها في الوقت ذاته إلى بناء الدرع الصاروخي، و كذلك معارضة واشنطن لخطر استخدام الألغام الأرضية و اعتراضها على اتّفاقية حظر الحرب البيولوجية، و معارضتها للمحكمة الجنائية الدولية.
ثمّ أتى بعد ذلك التدخّل العسكري الأمريكي لتغيير النظام في العراق دون قرار من مجلس الأمن، فاعتماد الولايات المتّحدة على نمط من التصرّف الأحادي الإمبراطوري أفزع أوروبا، و جعلها تنأى بنفسها سياسياًّ عن مواقف الولايات المتّحدة. هذا الشرخ السياسي حاول الباحثون قراءته قيمياًّ و فكرياًّ، و حرّضهم على البحث عن جذوره التاريخية المتفاوتة بين أوروبا و الولايات المتّحدة.
و هكذا أصبح الحديث سائراً حول قيم خاصّة أو (طبائع) أمريكية و أخرى أوروبية بالرغم من المنبت التاريخي الواحد، فوفق معيار (الشرعية الديمقراطية) الذي طوّره فوكوياما، يكون الأمريكيون أكثر ميلاً؛ لأنَّ يروا لأيّة شرعية ديمقراطية وجوداً يفوق ما تتمتّع به الدولة القومية من شرعية، و على ذلك فحتّى المنظّمات الدولية (بما فيها الأمم المتّحدة) لا تستمدّ قوّتها إلاَّ من خلال تلك العملية التعاقدية التفاوضية التي أضفتها عليها الأغلبيات الديمقراطية المقنّنة، و التي تملك الحقّ في سحب تلك الشرعية متى شاءت عن تلك المنظّمات الدولية. و على العكس تماماً يرى الأوروبيون أنّ (الشرعية الديمقراطية) إنّما تنبع من إرادة المجتمع الدولي أكثر من كونها مستمدّة من أيّة دولة قومية منفردة على الأرض، و مع أنّ هذا المجتمع الدولي لا يتجسّد بشكلٍ ملموس و محدّد في نظام عالمي ديمقراطي مؤسّسي إلاَّ أنّه يضفي شرعية على المؤسّسات الدولية القائمة التي تبدو و كأنّها تشكّل تجسيداً جزئياًّ له، مع ما لهذا التجسيد من سلطة أخلاقية تفوق كلّ ما لتلك الدول القومية منفردة (18). لكن، كيف يمكن تفسير مصادر الخلاف حول منابع الشرعية بين هاتين الرؤيتين الأمريكية و الأوروبية ؟ يكمن أوّل الأسباب في انعدام توازن القوى بين الولايات المتّحدة الأمريكية و أيّة دولة أخرى سواها، و لذلك يبدو مفهوماً محاولة الدول المستضعفة فرض قيود من القوانين و الأعراف للحدّ من قوّة و جموح الدول الأقوى، في حين تجنح الدولة العظمى الوحيدة في العالم للانفلات من تلك القيود و تحرير قدرتها على الفعل، أمّا السبب الثاني و بحسب فوكوياما أيضاً فهو ذو صلة بالتجربة الملموسة الفعلية لتكامل الاتّحاد الأوروبي، حيث تنازلت الدول الأوروبية عن مسائل أساسية صميمية تمسّ سيادتها كدول لصالح الاتّحاد الأوروبي، أمّا السبب الأخير فهو ذو صلة مباشرة بالتجربة الأمريكية القومية الفريدة، و ما نشأ عنها من شعور دائم بالاستثنائية، فللأمريكيين إيمان راسخ بخصوص شرعية مؤسّساتهم الديمقراطية، و قدرة هذه المؤسّسات على تجسيد القيم العالمية ذات الدلالة و الأهمية للبشرية جمعاء (19). كما أنّ الأوروبيين يعتبرون أنّ سلوكهم في مواجهة المشكلات أكثر براعةً و تنوعاً بحكم خبرتهم التاريخية، و خبرتهم تلك هي التي دفعتهم إلى اتّخاذ موقفٍ سلمي من الحرب على العراق مِمَّا شكّل تناقضاً جذرياًّ مع الثقافة الاستراتيجية التي سادت في أوروبا طوال أربعة قرون، و هكذا فقد تبادل الأمريكيون و الأوروبيون مواقفهم و وجهات نظرهم، فالانكفاء الأمريكي عن التدخّل أصبح جموحاً بعد قرنٍ من الزمان، أمّا الحماسة الأوروبية للصراع و التدخّل فقد قلّمت أظافرها و أصبحت تنشد السلام أكثر من رغبتها في الحرب. و هكذا، فالمحافظون الجدد الذين يسيطر معظمهم على المواقع الحسّاسة في الإدارة الأمريكية الحالية (20) يؤكّدون بما لا يقبل الشكّ، أنّ أمريكا و أوروبا قد أصبحتا منتميتين إلى عالمين مختلفين، أحدهما متحدّر من الزهرة، و ثانيهما من المرّيخ على حدّ تعبير المفكّر المحافظ روبرت كاغان، و أنّهما، تالياً، لا يؤمنان بالقيم نفسها. لكن، كيف يمكن لأوروبا (العجوز) أن تحدَّ من طموحات الولايات المتّحدة (الإمبراطورية) هل يكفي للسيطرة على الوحش إيقاظ ضميره، كما يحاول الأوروبيون في حواراتهم مع الأمريكيين، إذ يضيف أوبير فيدرين وزير الخارجية الفرنسي الأسبق، (نحن الغربيين، ننسى دائماً ماضينا الأسود عبر قليل من الندم و كثير من فقدان الذاكرة) (21). تبدو الولايات المتّحدة اليوم أكثر رغبة في التعلّم من دروسها و تجربتها الخاصّة من رغبتها في الاستماع إلى نصائح الغير، ألم يقولوا قديماً، (إنّ النصيحة الوحيدة التي يستمع إليها الإنسان هي التجربة)، وهي تبدو اليوم أكثر انطباقاً على الولايات المتّحدة منها إلى غيرها. فسياستها في العراق و خاصة تأهلّه لدخول حرب أهلية جعل السياسة المثالية القائمة على نشر الديمقراطية في الشرق الأوسط أكثر واقعية و انفتاحاً على إشراك الأطراف الدولية و الإقليمية في تقرير مستقبل هذا البلد. لقد منيت المحافظية الجديدة اليوم بنكسة كبيرة و لذلك يعاد التفكير في منطلقاتها و مراجعة نتائجها نحو سياسة أكثر توائمية و أقلّ راديكالية (22).
************************
الحواشي:
1 ـ انظر: آلان تورين، نقد الحداثة، الحداثة المظفرة، ج1، ترجمة صياح الجهيم، دمشق:وزارة الثقافة، 1998م، وأيضاً: جياني فاتيمو، نهاية الحداثة: الفلسفات العدمية والتفسيرية في ثقافة ما بعد الحداثة، ترجمة فاطمة الجيوشي، دمشق:وزارة الثقافة 1998م.
2 ـ الحداثة وما بعد الحداثة، إعداد وتقديم بيتر بروكر، ترجمة عبد الوهاب علوب، مراجعة جابر عصفور، أبوظبي، منشورات المجمع الثقافي، ط1، 1995م، ص20.
3 ـ هابرماس، الحداثة مشروع ناقص، الفكر العربي المعاصر، العدد 39، أيار/حزيران 1986م، ص42.
4-Malcom bradury and games Macfolane (edites), Modernism (1890-1930), Harmond worth, 1967..
وقد ظهر للكتاب ترجمتان: الأولى بعنوان: حركة الحداثة، ترجمة عيسى سمعان، دمشق، وزارة الثقافة 1998م والثانية بعنوان: الحداثة، ترجمة مؤيد فوزي حسن (حلب: مركز الإنماء الحضاري، ط1995م، 2.
5 ـ آلان تورين، نقد الحداثة، الحداثة المظفرة، ج1، ترجمة صياح الجهيم، دمشق، وزارة الثقافة، 1998م، ص16.
6 ـ فرنسيس فوكوياما، نهاية التاريخ والإنسان الأخير، ترجمة فؤاد شاهين، جميل قاسم، فؤاد الشايبي، تقديم مطاع صفدي، بيروت، مركز الإنماء القومي، 1993م.
7 ـ حسان العرفاوي وروبير سانتو ـ مارتينو، الحداثة وما بعدها، مجلة العالم العربي في البحث العلمي، العدد 10-1999م، 11، وللمزيد: انظر: كاظم جهاد، من نقد الحداثة إلى ما بعد الحداثة، الكرمل، العدد52، صيف1997م
ص167.
8 ـ هنري لوفيفر، ما الحداثة؟، ترجمة كاظم جهاد، بيروت، دار ابن رشد، 1983م، ص45.
New York Times, 11/9/م2002-9
10 ـ انظر: طارق متري، مدينة على جبل، بيروت، دار النهار، 2003م.
11 ـ أناتول ليفين، نهاية الغرب، 2002م.
New York Times, 11/9/
12- Samul Huntington, The Clash of Civilization and Remaking of the World Order, Simon and Schuster, New York, 1996.
وانظر: صموئيل هنتينغتون، صدام الحضارات وإعادة صنع النظام العالمي، ترجمة طلعت شايب، تقديم صلاح قنصوه، القاهرة، دار سطور، ط2، 1992م ص504.
13- Philippe Nemo, Qu`est ce que L`oecident ? , Paris, 2004.
وانظر: جورج طرابيشي، التحولات الثقافية الكبرى التي صنعت الغرب، الحياة، 23/1/2005م.
14 ـ يستبدل الباحث التونسي منذر كيلاني مفهومي المركز والأطراف بمصطلحي (الكونية الأمريكية) و (الضاحية البشرية)، محمّلاً دلالات أوروبية على مفهوم الضاحية التي ترادف النفاية السكانية، أي عبارة عن مسخ عمراني وديمغرافي خلفته المدينة المتقدمة حضارّياً، ثم أقصته عنها وحجرت عليه في منفى الاستبعاد، انظر:
Mondher Kilani, L`Univeralisme Americain et les Banlieues de L`Humanite, Payot, Lausanne 2002.
وراجع: جورج طرابيشي، الأصولية الإسلامية كإفراز أيديولوجي لعصر الهيمنة الكونية الأمريكية، الحياة، 2/2/2003م.
15 ـ انظر: توماس س. باترسون، الحضارة الغربية: الفكرة والتاريخ، ترجمة شوقي جلال، القاهرة، المجلس الأعلى للثقافة، 2002م.
16 ـ انظر: سيرج لاتوش، تغريب العالم، ترجمة خليل كلفت، القاهرة، دار العالم الثالث، 1992م.
17 ـ انظر: تشارلز كوستبشان، نهاية الغرب، عن موقع: www.theatlantic.com.
18-Francis Fukuyama, Washington Post, 11/9/2002.
وانظر أيضا: فرانسيس فوكوياما، انشقاق في المنظور الغربي للشرعية الديمقراطية، الحياة، 7/9/2002م.
19- Francis Fukuyama, International Herald Trebiun, 10/8/2002
20 ـ انظر: محمد كمال، المحافظون الجدد: صنع قرار الشرق الأوسط في إدارة بوش، دمشق، المركز العربي للدراسات الاستراتيجية، العدد: 25، آذار / مارس 2003م.
21 ـ أوبير فيدرين أوروبا إزاء جبروت أمريكا، المستقبل (ملحق نوافذ)، 10/1/2004م.نقلاً عن مجلة (Commentaire) الفصلية.
22- Francis Fukuyama, New York Times Magazine, 3/2006.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق