إعــــــــــــــــــــــــــلام
مرحبا بكم أيّها الأعزّاء، في مدوّنتكم طريق النجاح.

نرجـو أن تُشــرّفـونا بزياراتـكم ومساهمــاتكم ونعلمـكم أننّــا على استعــداد لنشر كـلّ مـا تتكرّمـون به من مساهمـات تفيــد الأستـــاذ والتلميذ معا. ننتــظر أن تمــدّونا بدروسـكم أو امتحاناتكم أو كلّ ما ترونه صالحا للنشر، يستفيد منه دارس الفلسفة في السنوات الثالثة والرابعة من شعبتي الآداب والعلـوم. للمراسلة والطلبـات والاستفسار يُمكنـكم الاتّصـال على العنوان التالي:

بحث في المدونة

الأربعاء، 12 أغسطس 2009

نصوص فلسفية

نصوص من إنجاز الأستاذ: جمال الدين البوعزاوي
نصّ جون لوك، الكتاب المدرسي: في رحاب الفلسفة
                                            الهويّة و الشعور
لكي نهتديَ إلى ما يكوّن الهويّة الشخصيّة لا بدّ لنا أن نتبين ما تحتمله كلمة الشخص من معنى. فالشّخص، فيما أعتقد، كائن مفكّر عاقل قادر على التعقّل و التأمّل، و على الرجوع إلى ذاته باعتبار أنّها مطابقة لنفسها، و أنّها هي نفس الشيء الذي يفكّر في أزمنة و أمكنة مختلفة. و وسيلته الوحيدة لبلوغ ذلك هو الشّعور الذي يكون لديه عن أفعاله الخاصّة. و هذا الشعور لا يقبل الانفصال عن الفكر، بل هو، فيما يبدو لي، ضروريّ و أساسيّ تماما بالنسبة للفكر، مادام لا يمكن لأيّ كائن [بشري]، كيفما كان، أن يدرك إدراكا 
فكريّا دون أن يشعر أنّه يدرك إدراكا فكريّا. عندما نعرف أنّنا نسمع أو نشمّ أو نتذوّق أو نحسّ بشيء ما أو نتأمّله أو نريده، فإنّما نعرف ذلك في حال حدوثه لنا. إنّ هذه المعرفة تصاحب على نحو دائم إحساساتنا و إدراكاتنا الراهنة، و بها يكون كلّ واحد منّا هو نفسه بالنسبة إلى ذاته، و في هذه الحالة لا نأخذ في الاعتبار ما إذا كانت الذات نفسها تبقى مستمرّة في الجوهر نفسه أو في جواهر متنوّعة. إذ لمّا كان الشعور يقترن بالفكر على نحو دائم، و كان هذا هو ما يجعل كلّ واحد هو نفسه، و يتميّز به، من ثمّ، عن كلّ كائن مفكّر آخر، فإنّ ذلك هو وحده ما يكوّن الهويّة الشخصيّة أو ما يجعل كائنا عاقلا يبقى دائما هو هو. و بقدر ما يمتدّ ذلك الشعور بعيدا ليصل إلى الأفعال و الأفكار الماضية، بقدر ما تمتدّ هويّة ذلك الشّخص و تتّسع. فالذات الحالية هي نفس الذات التي كانت حينئذ، و ذلك الفعل الماضي إنّما صدر عن الذات نفسها التي تدركه في الحاضر.
جون لوك،
مقالة في الفهم البشري، الكتاب II فصل 27، فقرة 9 ترجمه إلى الفرنسية كوسط، و نشره إميليان نايرت، فران، 1994
ص: 264 ـ265
John Locke, Essai concernant l’entendement humain
تــــأطير النـــصّ: النصّ مقتطف من كتاب لوك "مقالة في الفهم البشري (1690)"، و يشكّل هذا الكتاب مساهمة أساسية في الجواب عن سؤال الفلسفة خلال القرنين 17 و 18، وهو: كيف يدرك الإنسان ذاته و العالم ؟ كيف يبني معرفته ؟ و كيف يحافظ على وحدة الذات و بقائها في الزمن ؟ و لحلّ هذه المشاكل يعتمد لوك مفهوم الهويّة الشخصيّة انطلاقا من الشعور بوصفه قدرة تأمليّة.
2 ـ صـــاحب النــصّ: جون لوك (1632ـ1704)، هو فيلسوف تجريبي و مفكّر سياسي إنجليزي، ولد في عام 1632 في إقليم Somerset، و تعلّم في مدرسة وستمنسر، ثمّ في جامعة أوكسفورد. لعب دورا كبيرا في الأحداث السياسية التي عرفتها إنجلترا ما بين سنة 1660 و 1680، كما أنّ علاقة لوك باللورد آشلي لعبت دورا كبيرا في نظرياته السياسية الليبيرالية، و لقد كان اللورد آشلي يتمتّع بنفوذ كبير في إنجلترا إذ كان يمثّل المعالم السياسية لرؤوس الأموال التجارية في لندن، و تحت تأثير اللورد آشلي كتب لوك في عام 1667 مقالا خاصّا بالتسامح راجع فيه أفكاره القديمة الخاصّة بإمكانية تنظيم الدولة لكلّ شؤون الكنيسة.
3 ـ الإشكـال: كيف يجعل الشعور الشخص ذلك الكائن المفكّر القادر على التعقّل و التأمّل حيث ما وجد في أي زمان و مكان ؟.
4 ـ  المفــــاهيم:
§ الهـوية: مفهوم فلسفي يدلّ على هويّة الشيء أو الشخص، أي ما يتعلّق بماهيته و طبيعته أي جوهره، و لكلّ شخص هويته قد تتحدّد في عقله و فكره أو ثقافته (اللغة، الدين...)
§ الـذات: مصطلح فلسفي يرتبط بالأنا الواعي و لمفكّر، و يدلّ على الشخص أو الوعي بالذات.
§ الجوهر: جوهر الشيء يعني ما هو ثابت فيه، و ما هو ثابت لا يتغيّر في الكائن.
6 ـ الأطـــروحة: إنّ الشخص حسب جون لوك هو ذلك الكائن المفكّر و العاقل القادر على التعقّل و التأمّل، و ذلك عن طريق الشعور الذي يكون لديه عن أفعاله الخاصّة و بشكل مستمرّ دون حدوث أي تغيّر في جوهر الذات، فاقتران الشعور بالفكر على نحو دائم هو ما يكسب الشخص هويته و يجعله يبقى دائما هو هو، باعتباره كائنا عاقلا يتذكّر أفعاله و أفكاره التي صدرت عنه في الماضي وهو نفسه الذي يدركها في الحاضر.
7 ـ الأفكــــار الأساسية:
× الشخص كائن مفكّر قادر على التعقّل و التأمّل
× إنّ ذات الشخص مطابقة لنفسها وهي نفس الشيء الذي يفكّر في أزمنة و أمكنة مختلفة.
× الشعور هو ماهية الشخص، و هذا الشعور لا يقبل الانفصال عن الفكر.
× إن الذات المفكّرة تدرك الأفعال التي صدرت عنها في الماضي و الحاضر.
8 ـ الــحجـــــــاج:
التفسير: عند ما نعرف... فإنّنا نعرف...
النفـي: هذا الشعور لا يقبل الانفصال
التعريف: الشخص هو كائن مفكّر و عاقل...
اعتماد بنية مفاهيمية قويّة: الشعور، الجوهر، الذات...
9 ـ الاستنتـــــاج: الشخص كائن مفكّر يعقل ذاته و أفعاله مهما تغيّرت الظروف و توالت الأزمان، و عن طريق الوعي يكون مسؤولا مسؤولية قانونية عن كلّ ما يصدر عنه من أفعال. من هنا فأساس هويّة الشخص حسب لوك هو الشعور الذي يجعل الإنسان يحرّك ذاته و يبني معرفته بذاته على نحو دائم فيصبح الشخص إثرها هو هو رغم ما يلحقه من تغير.
10 ـ قيمـة النصّ و راهنيته: تكمن قيمة النصّ في جعل قيمة الشخص لا تخرج عن كونه كائنا عاقلا و مفكّرا، فالإنسان في كلّ زمان و مكان قادر على تعقّل العالم و تأمّل مجتمعه، هكذا فإنسان العصر الراهن يلزمه أن يتعقّل وجوده أكثر و أن يتعقّل ما يصدر عنه من سلوكات و أفعال قد تكون أنفع للإنسانية جمعاء و قد تكون عكس ذلك أفعال مدمّرة للوجود الإنساني كأفعال العنف و الإرهاب و الحروب و التلوّث.
 11 ـ استغــلال معطيـات النص للإجابة علـى الإشكـال المطـروح: هويّة الشخص تكمن في كونه ذاتا عاقلة و مفكّرة و شاعرة (بمعنى الشعور).
نصّ أرتور شوبنهاور، الكتاب المدرسي: في رحاب الفلسفة:
الهويّة و الإرادة:
على ماذا تتوقّف هوية الشخص ؟ ليس على مادّة جسمه، فإنّ هذه تتجدّد في بضعة أعوام، و ليس على صورة هذا الجسم، لأنّه يتغيّر في مجموعه و في أجزائه المختلفة، اللهمّ إلاّ في تعبير النظرة، ذلك أنّه بفضل النظر نستطيع أن نتعرّف شخصا و لو مرّت سنوات عديدة. و باختصار فإنّه رغم التحولاّت التي يحملها الزمن إلى الإنسان، يبقى فيه شيء لا يتغيّر، بحيث نستطيع بعد مضي زمن طويل جدّا أن نتعرّف عليه، و أن نجده على حاله، و هذا ما نلاحظه أيضا على أنفسنا. فقد نشيخ و نهرم، و لكنّنا نشعر في أعماقنا أنّنا ما زلنا كما كنّا في شبابنا، بل حتّى في طفولتنا. هذا العنصر الثابت الذي يبقى دائما في هويّة مع نفسه دون أن يشيخ أو يهرم أبدا، هو بعينه نواة وجودنا الذي ليس في الزمان. و قد يرى الناس عامة أنّ هويّة الشخص تتوقّف على هويّة الشعور، فإذا كنّا نعني بهذا الذكرى المترابطة لمسار حياتنا، فإنّها لا تكفي لتفسير الأخرى (أي هويّ ة الشخص) و ليس من شكّ أنّنا نعرف عن حياتنا الماضية أكثر ممّا نعرف عن رواية قرأناها ذات مرّة، و رغم ذلك فإنّ ما نعرفه عن هذه الحياة قليل. فالحوادث الرئيسية و المواقف الهامّة محفورة في الذاكرة، أمّا الباقي، فكلّ حادثة نذكرها تقابلها آلاف الحوادث التي يبتلعها النسيان، و كلّما هرمنا توالت الحوادث في حياتنا دون أن تخلّف وراءها أثرا. و يستطيع تقدّم السنّ أو المرض، أو إصابة في المخّ أو حمق أن يحرمنا كلّية من الذاكرة، و مع ذلك فإنّ هويّة الشخص لا يفقدها هذا الاختفاء المستمرّ للتذكّر. إنّها تتوقّف على الإدارة التي تظلّ في هويّة مع نفسها، و على الطبع الثابت الذي تمثّله (...). و لا شكّ أنّنا قد تعوّدنا تبعا لعلاقتنا بالخارج أن نعتبر الذات العارفة هي ذاتنا الحقيقية، ذاتنا العارفة التي تغفو في المساء ثمّ تستغرق في النوم، للتألّق في الغد تألّقا أقوى. و لكن هذه الذات ليست سوى وظيفة بسيطة للمخّ، و ليست هي ذاتنا الحقيقية. أمّا هذه، التي هي نواة وجودنا، فهي التي تختفي وراء الأخرى، وهي التي لا تعرف في قراراتها غير شيئين: أن تريد أو ألاّ تريد.
أرثور شوبنهاور، العالم بوصفه إرادة و تمثّلا، ترجمة بوردو، م. ج. ف، 1966.3 ص: 943
Arthur Schopenhauer, Le monde comme volonté et comme représentation
1 ـ تأطير النصّ: النصّ مقتطف من كتاب "العالم بوصفه إرادة و تمثّلا (1813)"، لصاحبه الفيلسوف الألماني أرثور شوبنهاور، و في هذا الكتاب يقدّم شوبنهاور فكرة مفادها أنّ الإنسان ينظر إليه كإرادة في الحياة، محكوم عليه بالشقاء و التعاسة، فالشخص لا يخضع لقوانين، بل يخضع لإرادة عبثية تتجاوزه و تتجلّى في رغباته.
2 ـ صاحب النصّ: أرثور شوبنهاور فيلسوف ألماني ولد في دانزج عام 1788، و كان أبوه تاجرا امتاز بالمقدرة و حدّة الطبع و استقلال الشخصية و حبّ الحريّة، و قد غادر دانزج التي جردّها البولنديون من حرّيتها بضمّها، إلى بولندا عام 1793، و لقد مات والد شوبنهاور منتحرا عام 1805، و توفيّت جدّته وهي مصابة بالجنون، و لم تكن أمّه سعيدة في حياتها الزوجية، و عندما توفّي زوجها انطلقت تبحث عن الحبّ، و لقد ثار شوبنهاور على هذا الاتّجاه الجديد لأمّه و أثّر النزاع بينهما على نفسه ممّا جعله يحتقر جميع النساء طيلة حياته، فعاش وحيدا بلا أمّ ولا ولد و لا أسرة و لا صديق... و يعرف شوبنهاور بكتابه "العالم كإرادة و فكرة" الذي ضمّ فيه أهمّ أفكاره و تصوّراته للحياة و العالم و النفس.
3 ـ الإشكـال: أين تكمن هويّة الشخص، هل في مادة جسمه أم في صورة جسمه أم في شيء آخر غير هذا ولا ذاك ؟
4 ـ المفاهيم:
§ الإرادة: مفهوم فلسفي مهمّ و قويّ في فلسفة شوبنهاور، وهي صفة تميّز الطبع، حيث يقال "لهذا الشخص إرادة قوية"، و هذه الإرادة ترتبط حسب شوبنهاور بإرادة الحياة التي يعتبرها هي الواقع الحقيقي الوحيد، و ماعداه مجرّد تمثّلات.
§ العلاقة بالخارج: هي كلّ علاقة يمكن أن تربط بين الأنا و العالم الخارجي (الآخر، المجتمع، الثقافة...) وهي علاقة تأخذ عدّة أشكال و عدّة مواقف، كأن تكون علاقة تكامل و تداخل أو العكس علاقة تناقض و تخارج.
5 ـ الأطــــروحة: ينتقد شوبنهاور المواقف التي تربط بين الشعور و الهويّة، و يؤكّد أنّ هويّة الشخص تتحدّد بالإرادة، أمّا الشعور فهو يتجدّد و يتغيّر بفعل الزمن، كما يمكن تعديله و تقويمه، بينما الإرادة لا يمكنها أن تتغيّر لأنّها خاضعة للزمان، وهو ما يجعل الفرد يتصرّف دائما في ظروف بعينها تصرّفا واحدا بعينها، أي أنّه يتصرّف دائما في هويّة مع نفسه، أي أنّه لا يستطيع أن يفعل غير ما يفعله.
6 ـ الأفكار الأساسية:
× لا تكمن هويّة الشخص في مادّة جسمه، لأنّ هذه المادّة تتجدّد في بضعة أعوام.
× لا تكمن هويّة الشخص في صورة جسمه، لأنّ هذا الجسم يتغيّر في مجموعه و في أجزائه المختلفة.
× إنّ العنصر الثابت و الدائم و الذي يبقى دائما في هويّة مع نفسه دون أن يشيخ أو أن يهرم هو بعينه نواة وجودنا الذي ليس في الزمان.
× إنّ هويّة الشخص لا تتوقّف على هويّة الشعور، لأنّها لا تكفي هذه الأخيرة لتفسير هويّة الشخص.
× إنّ الإرادة هي معيار هويّة الشخص لأنّها تظلّ في هويّة مع نفسها و على الطبع الثابت الذي تمثّله.
× تتحدّد هذه الإرادة فيما يلي: أن تريد أو ألاّ تريد.
8 ـ الحجــــاج:
طرح أسئلة داخل النصّ ثمّ الإجابة عنها: مثلا: "على ماذا تتوقّف هويّة الشخص ؟
اعتمادا أمثلة من واقع الإنسان: نشيخ، نهرم، طفولتنا، شبابنا...
النفي: هذه الذات ليست سوى...
اعتماد بنية مفاهيمية: شعور، إرادة، هويّة...
8 ـ الاستنتاج: يعتبر شوبنهاور أنّ الإرادة هي الشيء الجوهري و الأساسي في الإنسان و يعطيها الأولوية على العقل، لأنّ العقل مخلوق للإرادة كي يقوم على خدمتها و تنفيذ أوامرها و نواهيها.
9 ـ قيمة النصّ: تكمن قيمة النصّ في تجاوز الفلسفات السابقة التي تعتبر أنّ ماهية الإنسان هي عقله، و القول بأنّ الإرادة هي الجوهر و الثابت في شخصية الشخص... إنّ هذا التصوّر يتناسب مع بعض الظواهر و الوقائع التي يعيش عليها إنسان الوقت الراهن، فإرادة شخص ما أو جماعة ما هي التي تبرّر سلوكات و أهداف هذا الشخص أو الجماعة، فإرادة السيطرة و الهيمنة الاقتصادية هي التي تفسّر استعمار دول لدول أخرى...
10 ـ استغلال معطيات النصّ للإجابة على الإشكال المطروح: إنّ هويّة الشخص لا تقتصر على مادّة جسمه أو صورة هذا الجسم، إنّها شيء آخر، حيث لا تعدو سلوكات الإنسان إلاّ انعكاسا لماهية هذه الهويّة، التي هي الإرادة.
نصوص من إنجاز الأستاذ: عبد العزيز شكود.
نصّ جول لاشولييه، الكتاب المدرسي: مباهج الفلسفة
أساس هويّة الشخص: طبعه و ذاكرته
من الأكيد أنّنا ننظر لأنفسنا على أنّنا شخص واحد، و أنّنا نفس الشخص في كلّ فترات عمرنا؛ لكن هذه الهويّة التي ننسبها لأنفسنا، هل تفترض بالضرورة أنّ فينا عنصرا ثابتا، أنا حقيقيّا و ثابتا ؟ لنسجّل أنّ الوقائع تكذّب كلّيا هذه الفرضية، فالإنسان الذي هو في حالة نوم ليس له إلاّ أنا متخيّل يتبخّر عندما يستيقظ؛ كما أنّ ضربة واحدة على الرأس تكفي لحفر هوّة عميقة بين أنا اليوم و أنا البارحة لأنّها تشلّ ذكرياتنا. و نحن نعرف كذلك حالة بعض المرضى الذين لديهم أنا أوّل و أنا آخر يتناوبان فيما بينهما و أحدهما يعرف الآخر... أن نقول بأنّنا نرجع حالاتنا الداخلية إلى أنانا معناه أن نقول إنّنا نرجع حالاتنا الداخلية الخاصّة إلى أنا ما أو إلى ذات حاملة عامة... ليس هناك سوى شيئين يمكن أن يجعلاننا نحسّ بهويّتنا أمام أنفسنا و هما: دوام نفس المزاج أو نفس الطبع، و ترابط ذكرياتنا. ذلك أنّ لدينا نفس الطريقة الخاصّة في ردّ فعلنا تجاه ما يؤثّر علينا، أي أنّ نفس العلامة تسم ردّ فعلنا الأخلاقي و تطبع حالاتنا النفسية الداخلية بطابع شخصيّ؛... إضافة إلى ذلك فإنّ ذكرياتنا تشكّل، على الأقلّ بالنسبة للقسم القريب من حياتنا، سلسلة مترابطة الأطراف: فنحن نرى أنّ حالتنا النفسية الحالية تتولّد من حالتنا النفسية السابقة... و هكذا يمتدّ وعينا التذكّري في الماضي و يتملّكه و يربطه بالحاضر... ليست هويّتنا الشخصية، إذن، كما كان متداولا من قبل، معطى أوّليا أصليّا في شعورنا، بل إنّها ليست إلاّ صدى، مباشرا أو غير مباشر، متواصلا أو متقطّعا، لإدراكاتنا الماضية في إدراكاتنا الحاضرة. و هكذا فنحن لسنا، أمام أعيننا، سوى ظواهر يتذكّر بعضها بعضا.
(ترجمة فريق التأليف)
Jules Lachelier :Psychologie et métaphysique P.U.F 1948
1 ـ تأطير النصّ:
يتـأطّر النصّ في إطار فلسفة فرنسية خاصّة مع جيل لاشوليه. الذي صاغ تصوّرا خاصّا لمفهوم الشخص اعتبر فيه أنّ المحدّد الرئيسي للشخص هو هويّته.
2 ـ  من هو صاحب النصّ؟ إنّه الفيلسوف الفرنسي "جيل لاشولي ولد سنة: 1832 و توفّي سنة: 1918 تلقّى تعليمه بالمدرسة العليا و اشترك مع أستاذه "رافيسون في تأسيس الحركة الروحية في الفلسفة الفرنسية، أهمّ ما ميّز فكر جيل لاشوليه هو اعتباره أنّ الأشياء في غالب الأحيان ما تردّ إلي ظواهر، و هذه الأخيرة عبارة عن أحاسيس، كما يرجع العالم الخارجي. التحق لاشوليه بالمدرسة العليا للأساتذة في باريس، من أهمّ كتب الرجل نجد: في أسس الاستقراء الذي نشره سنة 1871، السيكولوجية و الميتافيزيقا سنة 1885
3 ـ الأشكلة: يمكن صياغة الطرح الإشكالي لنصّ جيل لاشوليه على النحو التالي: هل يمكن القول بوحدة داخل هويّة الشخص أم أنّ هذه الوحدة لا تعدو أن تكون وهما، و بالتالي الشخص محدّد من خلال التعدّد و التنوّع ؟ أو بصيغة أخرى هل تقوم الهويّة على التطابق أم الاختلاف و التعدّد ؟.
4 ـ الأطروحة: يدافع جيل لاشوليه عن أطروحة أساسية مفادها أنّ المحدّد الرئيسي للشخص هو هويته، أي تطابقه مع ذاته و هذا ما يميّزه عن غيره و بالتالي فأساس هويّة الشخص هي وحدته النفسية في الزمان عبر مختلف لحظات تطوّره المختلفة
5 ـ المفاهيم الأساسية: و حتّى يثبت صاحب النصّ أطروحته استخدم عدّة مفاهيم أهمّها:
* الشخص * الهويّة * الأنا * الذات * المزاج
6 ـ الحجاج: يمكن أن نقسّم الحجج إلى نوعين الأولى لغوية من خلال اعتماد صاحب النصّ على عدّة أساليب حجاجية أهمّها:
النفي (ليس....) الاستفهام (هل.... ) الشرح و التفسير(أن تقول.... معناه...). (أي أن...)
الثانية هي حجج معرفية و فكرية من خلال:
* يبدأ صاحب النصّ بالتساؤل حول صحّة الإمكانية القائلة بوجود هويّة واحدة و ثابتة.
* التأكيد على أنّ أساس هويّة النصّ تربط و تحدّد بالدرجة الأولى بوحدته النفسية.
عبر مختلف المراحل الأساسية التي يمرّ منها و بالتالي فهويّة الشخص ليست نتاجا تلقائيا بقدر ما هي نتائج لآليات ربط وهي آليات نفسية بالدرجة الأولى.
* التأكيد في نهاية النصّ عن فكرة أساسية مفادها أنّ وحدة الطبع أو السمة العامة للشخصية الإنسانية هي الضامن الأوّل و الأخير لهويّة سالمة مطابقة مع الذات في مواقفها و ردود فعلها.
7 ـ قيمة النصّ و رهانه: يمكن القول أنّ قيمة النصّ تتمثّل بالدرجة الأولى في كونه قد صاغ تصوّرا أساسيا لمفهوم الشخص يختلف تماما عن التصوّرات التي كانت معروفة خلال هذه المرحلة بل أكثر من ذلك يمكن القول أيضا إنّ أطروحة "جيل لاشولية قد مهّدت لظهور نظريات جديدة في إطار التعامل مع مفهوم الشخص و بالتالي يمكن القول إنّ النصّ" أساس هويّة الشخص طبعه و ذاكرته هو يمثّل صورة مصغرّة عن الرّهان العام لأطروحة جيل لاشويه حول مفهوم الشخص.
8 ـ خلاصة و تركيب: يمكن أن نحتفظ من خلال هذا النصّ بعنصرين أساسين و هما:
* الشخص يتحدّد من خلال ارتباطه بهويّته.
* إنّ وحدة الشخص و تماسكه لا يتمّ بشكل عفوي تلقائي بل هي نتائج آليات ربط. حتّى نقول إنّ هويّته الشخص ليست معطى و إنّما بناء كما يقول كانط.
نص سيغموند فرويد، الكتاب المدرسي: مباهج الفلسفة
البنية النفسية الثلاثية للشخصية
إنّ الأنا مضطرّ لاّن يخدم ثلاثة من السّادة الأشدّاء، وهو يبذل أقصى جهده للتوفيق بين مطالبهم. وهي في الغالب مطالب متعارضة و التوفيق بينها مهمّة عسيرة إن لم تكن أقرب إلى أن تكون مستحيلة. فليس من الغريب إذن أن يفشل الأنا في أغلب الحالات في مهمّة التوفيق هاته. و هؤلاء المستبدّون الثلاثة هم: العالم الخارجي، و الأنا الأعلى، و الهو. و نحن عندما نتابع المجهودات التي يقوم بها الأنا بقصد الاستجابة لهذين النوعين من المطالب في وقت واحد، أي بطاعة أوامرهما في نفس الوقت، فإنّنا لن نأسف إذا ما كنّا قد شخّصنا هذا الأنا و قدّمناه كحالة خاصّة. فهو يحسّ بأنّه معرّض لثلاثة ضغوط و مهدّد من طرف ثلاثة أنواع من الأخطار يكون ردّ فعله عليها، عندما تشتدّ معاناته منها، هو توليد نوع من القلق. فهو، من حيث إنّه نفسه نشأ نتيجة التجارب الإدراكية، يتّجه إلى أن يتمثّل متطلّبات العالم الخارجي لكنّه يودّ أن يكون بنفس الوقت خادما للهو، و متصالحا معه و مع حاجاته المستمرّة للإشباع... إنّ الأنا، في مجهوده من أجل التوسّط بين الهو و الواقع، مضطرّ دوما إلى أن يموّه على أوامر اللاشعور بتبريرات متعدّدة ، و إلى التخفيف من صراع الهو مع الواقع، عن طريق نوع من التمويه الدبلوماسي و الرّياء و التظاهر بأنّه يأخذ الواقع بعين الاعتبار و يراعيه، حتّى و لو ظلّ الهو جموحا و متصلّبا في مطالبه الملّحة على الإشباع. و من زاوية أخرى، فالأنا هو محطّ رصد من طرف الأنا الأعلى الذي يفرض عليه باستمرار المعايير التي يتعيّن عليه اتّباعها في سلوكه دون أن تهمّه العوائق و الصعوبات الآتية من الهو و من العالم الخارجي. و إذا ما عصى الأنا أوامر الأنا الأعلى و تعليماته فإنّ هذا الأخير يعاقبه بأن يسلّط عليه مشاعر التوتّر و القلق التي يشكلّها لديه الإحساس بالدونية أو بالذنب. و هكذا يصارع الأنا، و هو محاصر بين ضغط الأنا الأعلى و مطالب الهو و قوّة الواقع ، من أجل ينجز مهمّته في إحداث نوع من التوافق و الانسجام بين هذه القوى و التأثيرات المتفاعلة داخله و المؤثّرة عليه من الخارج.
 (ترجمة فريق التأليف)
S. freud : Nouvelles conferences 1932 trad. fr. Zeitlin Paris 1936
1 ـ  تأطير النصّ: يندرج النصّ في إطار الاهتمامات المختلفة لنظرية التحليل النفسي مع عالم النفس النمساوي س. فرويد. الذي حاول دراسة شخصية الإنسان بصورة مغايرة تعتمد طابع أكثر دقّة و عملية فكيف تعامل فرويد مع هذا الموضوع ؟
2 ـ من هو صاحب النصّ ؟: ولد سيجموند فرويد في فرايبورغ وهو نمساوي ارتبط اسمه بتأسيس التحليل النفسي تلقّى تعليمه في مدينة فينيا في علم الأعصاب و تحت تأثير الطبيب الفرنسي "شاركو" و الطبيب "بروير" اهتمّ بالجوانب النفسية للإنسان و طوّر أبحاثهما من أهمّ مؤلّفات فرويد:
* محاضرات تمهيدية في التحليل النفسي سنة 1916.
* تفسير الأحلام 1899 و هذا من أشهر الكتب.
* الطوطم و الطابو مقالات في علم النفس الجمعي.
ذاعت أراء فرويد بعد هجرته إلى إنجلترا مع بداية الحرب العالمية الثانية بعدما ضيّقت النازية الخناق على جلّ العلماء و الفلاسفة اليهود خلال هذه المرحلة، لعلّ أهمّ نظريات فرويد على الإطلاق نظرية اللاشعور التي فسّر بها السلوك البشري الغير السوي، فعوض أن يعتبر هذا السلوك لا معنى له اتّجه نحو البحث في الظروف المنتجة له و قال أنّه سلوك يعود إلى التجربة الجنسية لمرحلة الطفولة، من هذا المنظور اقترح فرويد مفهوم اللاشعور كفرضية لا يمكن بدونها فهم الصلة بين مرحلتي الطفولة و البلوغ. و بعد رحلة دامت حوالي 83 سنة توفّي فرويد سنة 1939.
3 ـ الأشكلة: في هذا النصّ يحاول فرويد طرح إشكال عام كالتالي: ما هي العناصر الأساسية التي تنبني عليها الشخصية ؟ و ما هي الصيغة العامة التي من خلالها يمكن تحقيق التوازن ؟
4 ـ الأطروحة: يرى فرويد في تصوّره أنّ شخصية الإنسان هي عبارة عن صراع دائم بين مجموعة من الغرائز (الهو) و المثل الأخلاقية (الأنا الأعلى) و أيضا ضغوط الواقع الاجتماعي، لذلك فالأنا هو نتاج للتوازن و التوفيق بين هذه القوى مثلما هو أداة تحقيق هذا التوازن و التوفيق، لذلك فوحدة الشخص وحدة دينامية عسيرة ولا متناهية التحقّق.
5 ـ المفاهيم الأساسية: اعتمد فرويد على مفاهيم أساسية أهمّها: * الأنا * الأنا الأعلى. * الهو. * اللاشعور.
6 ـ الحجاج:
* الحجج اللغوية:
+ أسلوب التأكيد: (إن الأنا...)
+ أسلوب النفي: (ليست...)
+ أسلوب الاستنتاج: (هكذا...)
* الحجج المعرفية:
ـ  يرى فرويد أنّ الإنسان دائم الصراع بين عناصر ثلاثة ليحقّق التوازن و محاولة التوفيق بينهما.
ـ التأكيد على أنّ هذا الصراع في غالب الأحيان ما يكون محاصرا بين ضغط الأنا الأعلى من جهة و مطالب الهو و الواقع من جهة ثانية.
7 ـ قيمة النصّ و رهانه: إنّ قيمة النصّ تكمن بالدرجة الأولى في كونه يقدّم لنا تصوّرا تفسيريا لمجموعة من العناصر المشكلة لشخصية الفرد، و بالتالي فالرّهان لدى فرويد كان هو محاولة وضع تفسير دقيق لكيفية حدوث هذا التوازن.
8 ـ خلاصة و تركيب: إنّ أهمّ ما يمكن أن نحتفظ به من خلال نصّ سيجموند فرويد هو عنصرين أساسيين:
لا يمكن أن تكون الشخصية سوية بالشكل المطلوب إلاّ حينما تحاول التوفيق بين أبعاد الشخصية الثلاثة.
ثمّ أنّ هذه العلاقة حسب فرويد هي علاقة صراع بالدرجة الأولى.
نصوص من إنجاز الأستاذ: جمال الدين البوعزاوي:
نصّ إمانويل كانط، الكتاب المدرسي: في رحاب الفلسفة
الشخص غاية في ذاته
يوجد الإنسان و بوجه عام كلّ كائن عاقل، بوصفه غاية في ذاته، و ليس مجرّد وسيلة يمكن أن تستخدمها هذه الإرادة أو تلك وفق هواها. ففي جميع هذه الأفعال، كما في تلك التي تخصّ ذاته و التي تخصّ الكائنات العاقلة الأخرى، يجب دائما اعتباره غاية في ذات الوقت. إنّ جميع موضوعات الميول ليس لها إلاّ قيمة مشروطة، ذلك لأنّه لو كانت الميول و الحاجات المشتّقة منها غير موجودة لكان موضوعها بدون قيمة. لكنّ الميول ذاتها، بوصفها مصادر للحاجة، لها قدر قليل من القيمة المطلقة التي تمنحها الحقّ في أن تكون مرغوبة لذاتها، و أكثر من ذلك، ينبغي على كلّ كائن عاقل أن يجعل أمنيته الكلّية هي التحرّر التامّ منها. و من هنا فقيمة جميع الموضوعات التي نكتسبها بفعلنا هي دائما قيمة مشروطة. فالموجودات التي يعتمد وجودها، و الحقّ يقال، لا على إرادتنا، بل على الطبيعة، ما دامت موجودات موجودات محرومة من العقل، ليس لها مع ذلك إلاّ قيمة نسبية، قيمة الوسائل، و هذا هو السبب الذي من أجله يدعوها المرء أشياء؛ بينما الموجودات العاقلة تدعى أشخاصا، ذلك أنّ طبيعتها تدلّ على من قبل بوصفها غايات في ذاتها، أعني شيئا لا يمكن استخدامه ببساطة كوسيلة، شيء يحدّ بالتالي من كلّ قدرة على التصرّف حسب هوانا (وهو موضوع احترامنا تلكم إذن ليست مجرّد غايات ذاتية، يملك وجودها، من حيث هو معلول لفعلنا، قيمة بالنسبة إلينا، بل هي غايات موضوعية أعني أشياء وجودها غاية في ذاته، بل و تكون غاية بحيث لا يمكن أن نستبدل بها أيّة غاية أخرى. و يلزم أن تقوم بخدمتها الغايات الموضوعية، بوصفها مجرّد وسائل (...) و على ذلك، فإذا كان لا بدّ للعقل من مبدأ عملي أسمى، كما لا بدّ للإدارة الإنسانية من أمر مطلق، فإنّ هذا المبدأ يلزم أن يكون بحيث يكون بالضرورة، عند تمثّل ما هو غاية في ذاته، غاية لكلّ إنسان، فهو يشكّل مبدأ موضوعيا للإدارة، و يمكن بالتالي أن يكون بمثابة قانون عملي كلّي. و أساس هذا المبدأ هو التالي: إنّ الطبيعة العاقلة توجد كغاية في ذاتها.
إمانويل كانط، أسس ميتافيزيقا الأخلاق، ترجمة فيكتور دلبوس، دولاغراف، 1969، ص: 148-149
Emmanuel Kant, Fondements de la métaphysique des mœurs.
1 ـ  تأطير النصّ: النصّ مقتطف من كتاب أسس ميتافيزيقا الأخلاق للفيلسوف إمانويل كانط، ترجمة فكتور دلبوس، سنة 1969، ص 148،149 ، و في هذا الكتاب يقدّم كانط محاولة تحليلية، تنطلق من المعرفة المشتركة لتصل إلى المبادئ، حيث تمكّن من استنباط المبدأ الأخلاقي الأسمى، حيث يكون الخير بالفعل هو الخير بالقصد، و في هذا النصّ يقرّر كانط أنّه يحب التعامل مع الشخصي باعتباره غاية في ذاته.
2 ـ صاحب النصّ: هو الفيلسوف الألماني إيمانويل كانط (1724ـ1801)، المزداد بكوينسبرغ، و كان الابن الرابع في أسرة تتكوّن من 11 ولدا، كان والده حرفيا، و أشرفت والدته على تربيته و عرّفته على الواعظ شولتز الذي كان له أثر كبير في التطوّر الفكري لكانط، درس الرياضيات و الفلسفة و العلوم الطبيعية، كتب أولى مقالاته باللغة الألمانية عام 1746، تحت عنوان "آراء حول التقدير الصحيح للقوى الحيّة" محاولا التوفيق بين الديكارتين و أتباع لا يبنتز، و يتحدّد مشروعه الفلسفي في النقد الذاتي للعقل لتحديد ملكاته و حدوده و أهمّ مؤلّفاته التي عرف فيها مذهبه هي: نقد العقل الخالص (1781) نقد العقل العملي (1788) نقد ملكة الحكمة (1790).
3 ـ الإشكال: أين تكمن قيمة الشخص، هل في كونه غاية في ذاته باعتباره ذات أخلاقية، أم أن قيمته تتحدّد بالشكل الذي يرغبه الآخرون.
4 ـ المفاهيم:
§ الأمر المطلق: هو أمر قطعي تمّت صياغته بشكل صوري مجرّد، و قد وضعه كانط باعتباره المبدأ الأخلاقي الأسمى، و صيغته كالتالي: "تصرّف على نحو تعامل معه الإنسانية في شخصك، كما في شخص غيرك، دائما و أبدا، كغاية و ليس مجرّد وسيلة بتاتا.
§ قيمة مشروطة: لكلّ شيء قيمة، قد تكون قيمة نفعية تكمن في ما تحقّقه من نتائج نفعية، وهي ما يسمّى بالقيمة المشروطة، بينما قيمة الشخص تكمن في كونه ذاتا عاقلة و أخلاقية و حرّة و ليس مجرّد وسيلة يستخدمها الآخرون لتحقيق مصالح خاصّة.
§ الشخص: هو كائن اجتماعي، هو الإنسان، و يسمّى فردا، عندما يكون مجرّد عضو بيولوجي داخل المجتمع، و يسمّى شخصا عندما يزاول دورا داخل جماعة كأن يكون أبا، أستاذا، صانعا، و في هذا الصدد يميّز رالف لنتون بين الشخصية الأساسية و الشخصية الوظيفية.
5 ـ أطروحة النصّ: يذهب كانط إلى أنّ قيمة الشخص تكمن في كونه ذاتا لعقل أخلاقي عملي، فهو غاية في ذاته، فالإنسان يتميّز داخل نظام الطبيعة بامتلاكه لملكة الفهم مقارنة مع باقي الكائنات الأخرى، وعليه فهو يتصرّف وفق القاعدة الأخلاقية التالية: "تصرّف على نحو تعامل معه الإنسانية في شخصك، كما في شخص غيرك كفاية و ليس مجرّد وسيلة بتاتا".
6 ـ الأفكار الأساسية:
× الإنسان كائن عاقل و حرّ، وذلك من خلال امتلاكه لملكة الفهم، التي تجعله يعامل باعتباره غاية في ذاته و ليس وسيلة في يد الآخرين.
× أنّ قيمة كلّ إنسان تكمن في القدرة على التحرّر من القيود الخارجية.
× إنّ قيمة الشخص هي قيمة غير مشروطة، أي أنّها لا تتوقّف عما نحقّقه من خلاله من نتائج عملية، بل إنّ له قيمة في ذاته تكمن في كونه ذاتا أخلاقية، بعبارة أخرى، إنّ الطبيعة العاقلة توجد كغاية في ذاتها.
7 ـ البنية الحجـاجية:
التأكيد: يجب دائما اعتباره غاية.
النفي: ليس مجرّد وسيلة، لا يمكن...
الاستدلال: إذا كان... فإن...
المقارنة: قيمة الإنسان تختلف عن قيمة باقي الكائنات.
8 ـ الاستنتاج: الإنسان يمكنه أن يتّخذ من الأشياء وسائل يستخدمها لتحقيق أغراضه، لكن ليس من حقّه أن يعامل الأشخاص كوسائل ذاتية نفعية، لأنّ الإنسان هو غاية في ذاتها و ليس وسيلة لتحقيق أغراض الآخرين، و هذا ما يمنحه قيمة داخلية مطلقة و يكسبه احتراما لذاته و يملك بذلك كرامته الإنسانية.
9 ـ قيمة النصّ و راهنيته: تكمن قيمة النصّ في كونه يدعو إلى ضرورة التعامل مع البشر باعتبارهم ذواتا مفكّرة و أخلاقية تستحقّ أن تعامل باحترام، و هذه الدعوة شكّلت أهمّ بند في الاتّفاقيات العالمية التي تعنى بحقوق الإنسان و كرامته خاصّة اتّفاقية حقوق الإنسان المؤسّسة عام 1948.
10 ـ استغـلال معطيـات النصّ للإجابة على الإشكـال المطروح: انطلاقا من النصّ يمكن القول أنّ قيمة الشخص تكمن في كونه غاية في ذاته و ليس وسيلة في يد الآخرين، و ذلك لأنّ الإنسان كائن عاقل و حرّ و أخلاقي، لكن و على ضوء هذه المعطيات يمكن أن نتساءل، هل فقط الإنسان العاقل هو من يستحقّ الاحترام و أن يعامل على أساس غاية في ذاته ؟، ألا يستحقّ الأحمق و الجنين أن يعامل هو الآخر كما لو كان إنسانا مكتمل الإنسانية ؟ (أطروحة طوم ريغان).
نصّ جورج غوسدورف، الكتاب المدرسي: في رحاب الفلسفة
استقلالية الشخص
إنّ فكرة استقلال الذات المفكّرة و الشخص الأخلاقي، كما تمّت صياغتهما من طرف الفلاسفة، لم تتحقّق في الفكر الإنساني إلاّ في وقت متأخّر. فهي بمثابة نقطة وصول لمسار طويل في التعلّم، و تحقيقا للنموذج الذي ربّما ينبغي على الإنسان أن يتوجّه إليه بجهده. لكن، لا ينبغي أن ننسى أنّ تجربة الاستقلال و العزلة لا تشكّلان الواقعة الأولى في الوجود، كما عاشها الناس فعليا. فالادّعاءات الإيديولوجية حول الإنسان، لا يمكن بأيّة حال، أن تنكر أشكال التضامن البسيطة و الأساسية التي سمحت لتلك التنظيمات بالبقاء، و للفكر أن يتشكّل على أرض بشر أحياء. لهذا فإنّ أخلاقا ملموسة هي التي ينبغي أن تحدّد الجهد المبذول لأجل الكمال الشخصي، ليس فقط في مجال الوجود الفردي، و لكن أيضا، و أوّلا، في مجال التعايش و داخل المجموعة البشرية. و في الحقيقة لا يتعلّق الأمر هنا بنظامين مختلفين، فالعلم واحد، و كلّ نشاط بشري يندرج داخل هذا العالم الذي تساهم قيمه في النموّ و الارتقاء. يعتقد "الفرد" أنّه إمبراطور داخل إمبراطورية، فيضع نفسه في مقابل العالم و في تعارض مع الآخرين، بحيث يتصوّر نفسه كبداية مطلقة. و على العكس من ذلك يدرك الشخص الأخلاقي أنّه لا يوجد إلاّ بالمشاركة. فيقبل الوجود النسبي، و يتخلّى نهائيا عن الاستكفاء الوهمي. إنّه ينفتح بذاته على الكون، و يستقبل الغير. لقد فهم الشخص الأخلاقي، أنّ الغنى الحقيقي لا يوجد في التحيّز و التملّك المنغلق، كما لو كان بإزاء كنز خفيّ، و لكن يوجد بالأحرى في وجود يكتمل و يتلقّى بقدر ما يعطي و يمنح.
جورج غوسدورف، مقالة في الوجود الأخلاقي، مكتبة أرموند كولان، باريس، 1949، ص : 201-202
Georges Gusdorf, Traité sur l’existence morale.
1 ـ تأطير النصّ: النصّ مقتطف من كتاب "مقالة في الوجود الأخلاقي" (1949) لجورج غوسدورف، و في هذا النصّ يسير غوسدورف على خلاف الفلسفات السابقة التي تناولت الشخص من منظور نظري و ميتافيزيقي، فهو يؤكّد في هذا الكتاب أنّ قيمة الشخص لا تتحدّد في المجال الوجودي الفردي، و لكن في إطار أشكال التضامن بين الناس.
2 ـ صاحب النصّ: جورج غوسدروف فيلسوف فرنسي ولد عام 1912 و مات سنة 2000، درس الفلسفة بجامعة ستراسبورغ، من مؤلّفاته المعروفة "اكتشاف الذات"، "رسالة في الوجود الأخلاقي"، "مدخل إلى العلوم الإنسانية". وجّه غوسدورف نقدا إلى الفلاسفة العقلانيين الذين يفكّكون الشخص و يرسمون للإنسان صورة مجرّدة لا يمكن للناس العاديين أن يتعرّفوا فيها على أنفسهم، داعيا إلى إحياء الأساطير لأنّها تنطق بمادة الواقع الإنساني و تحتوي على القيم في حالتها البدائية، إنّ الإنسان في نظره لا يواجه مشكلات منطقة مجرّدة بل مواقف درامية لا بدّ لها أن يتحمّل فيها مسؤولية حرّيته الخاصّة في مواجهة أخطار الوجود كافة، و لكي يتعرّف الإنسان ذاته لا بدّ من الاستعانة شعار "كن من أنت"، و ترك الشعار الاتّباعي "اعرف نفسك بنفسك".
3 ـ الإشكـال: أين تكمن قيمة الشخص، هل في وجوده الفردي أم في انخراطه داخل أشكال التضامن بين الناس ؟
4 ـ المفــاهيم:
§ الاستكفاء: هو قدرة الفرد على العيش ماديا و أخلاقيا بمعزل عن الآخرين، بمعنى أنّه يكون قادرا على تحقيق حاجياته في استقلالية عن الآخرين، وهو ما يختلف عن طابع الإنسان باعتباره كائنا مدنيا و اجتماعيا بطبعه.
§ الغيـر: هو مقابل الأنا، وهو الآخر الذي تعيش الأنا في علاقات معه، و تكون علاقة الأنا بالغير مبنية على الصداقة أو على الغرابة... و قد يكون الغير فردا أو جماعة أو ثقافة.
§ التضامن: ظاهرة اجتماعية، تنعكس في كون الأفراد يترابطون فيما بينهم في شكل بنية تضامنية، وقد يكون تضامنا آليا كما في المجتمعات البدائية، و قد يكون تضامن عضويا في المجتمعات التي تعرف كثافة سكّانية كبيرة (كما يرى إميل دوركهايم).
5 ـ الأطــــروحة: يرى غوسدورف بأنّ معرفة الذات لا تتحقّق بمجرّد النظر إلى أنفسنا و التأمّل فيها، إنّها لا تتحقّق، إلاّ بواسطة العالم و في العالم، وهنا نتكلّم عن الإنسان كشخص يكتمل مع الآخر و يكتسب قيمته داخل الجماعة.
6 ـ الأفكار الأساسية:
× عرفت البشرية عبر تاريخها أشكال تضامن بسيطة و أساسية سمحت لها بالبقاء.
× إنّ الكمال الشخصي لا يكمن في مجال الوجود الفردي و لكن في مجال التعايش داخل المجموعة البشرية.
× الشخص الأخلاقي هو الذي يدرك أنّه لا يوجد إلاّ بالمشاركة مع الآخرين.
× الشخص الأخلاقي هو الذي يقبل الوجود النسبي و يتخلّى نهائيا عن الاستكفاء الوهمي.
7 ـ الحجــــــاج:
النفي: لا ينبغي أن ننسى، أنّ الغنّى لا يوجد في التحيّز...
أمثلة: التضامن، الاستكفاء، الاستقلال...
التقابل: يقبل... و يتخلّى...
8 ـ الاستنتـاج: الكمال الشخصي لا يتحدّد في مجال الوجود الفردي المستقلّ، بل يتحقّق في مجال التعايش و داخل المجموعة البشرية وانفتاح الذات الفردية على الكون و تقبّل الآخر.
9 ـ قيمة النصّ و راهنيته: تكمن قيمة النصّ في التأكيد على ضرورة اندماج الفرد داخل الحياة الاجتماعية و أن يكون فاعلا داخل هذه الجماعة و متعايشا مع الآخر في إطار التكامل الإنساني، و هذه القيمة مهمّة في واقعنا الحاضر خاصّة و أن حالة من العنف و الفوضى تطبع كثيرا من العلاقات بين الأفراد و المجتمعات.
10 ـ استغـلال معطيـات النـصّ للإجابة علـى إشكال النصّ.
على ضوء معطيات النصّ يمكن حلّ الأشكال بالتأكيد على أهمّية التشبّع بالنحن بدل الأنا، فنقبل الحياة الاجتماعية و نتخلّى عن النزعات الفردانية.
نصّ جان بول سارتر، الكتاب المدرسي: في رحاب الفلسفة
الإنسان مشروع
يعرف الإنسان بمشروعه. هذا الكائن المادي يتجاوز دائما الوضعية التي يوجد فيها و يحدّدها بالتعالي عليها لكي يتموضع بواسطة الشغل و الفعل أو الحركة. و لا يجب الخلط بين المشروع و بين الإرادة التي هي كيان مجرّد، و إن كان المشروع قد يتّخذ صورة إرادية في بعض الظروف. إنّ هذه العلاقة المباشرة مع الآخر المغاير للذات(...) و هذا الإنتاج الدائم للذات بواسطة الشغل و الممارسة هو بنيتنا الخاصّة. و إذا لم يكن [المشروع] إرادة، فهو ليس حاجة أو هوى كذلك. إلاّ أن حاجتنا مثل أهوائنا، و أكثر أفكارنا تجريدا ترجع إلى هذه البنية، فهي دائما خارجة عن ذاتها نحو (...) ذاك ما نسمّيه الوجود، ولا نعني بذلك جوهرا ثابتا مرتكزا على ذاته، بل نعني به عدم استقرار دائم و اقتلاعا لكامل الجسم خارج ذاته. و بما أنّ هذه الوثبة نحو التموضع تتّخذ أشكالا متنوّعة بحسب الأفراد، و بما أنّها تلقي بنا داخل مجال من الإمكانات نحقّق البعض منها دون البعض الآخر، فإنّنا نسمّيها كذلك اختيارا و حرّية. غير أنّه يرتكب خطأ عظيما إذا ما وقع اتّهامنا بإدخال اللامعقول أو أنّنا نختلق "بداية أولى" لا علاقة لها بالعالم أو أنّنا نمنح الإنسان حرّية  ـ صنمية. و في الواقع، لا يمكن أن يصدر هذا الاعتراض إلاّ عن فلسفة آلية. و من يوجّه إلينا هذا الاعتراض، إنّما يريد إرجاع الممارسة و الخلق و الاختراع إلى إعادة إنتاج المعطيات الأوّلية لحياتنا، إنّه يريد تفسير الأثر و الفعل أو الموقف بعوامل إشراطها، و إنّ رغبته في التفسير تخفي إرادة جعل المركّب مماثلا للبسيط، و نفي خصوصيات البنيات و إرجاع التغيّر إلى الهويّة، وهو ما يمثّل من جديد سقوطا في الحتمية العلموية. و على العكس من ذلك يرفض المنهج الجدلي فكرة الاختزال، و اعتماد طرح معاكس، قوم على التجاوز مع المحافظة، بحيث إنّ أطراف التناقض ـ الذي وقع تجاوزه ـ غير قادرة على بيان التجاوز ذاته و لا على التأليف اللاحق. إنّ هذا الأخير ـ على العكس من ذلك ـ هو الذي يضيء هذه الأطراف و يتيح فهمها.
جان بول سارتر، نقد العقل الجدلي غاليمار، 1960، ص: 95
Jean Paul-Sartre, Critique de la raison dialectique
1 ـ تأطير النصّ: النصّ مقتطف من كتاب "الوجود و العدم" للفيلسوف الوجودي جون بول سارتر، و في هذا الكتاب يبلور سارتر تصوّرا جديدا للفلسفة من حيث هي تروم تحرير الإنسان ممّا هو متصوّر عقليا، من أجل وضعه وجها لوجه أمام وجوده الخاصّ بوصفه كائنا حرّا يتوقّف مصيره على قراره الشخصي، فليست الفلسفة شيئا دخيلا على الوجود البشري، بل إنّ فعل التفلسف لا يكاد ينفصل عن فعل الوجود.
2 ـ  صاحب النصّ: جون بول سارتر (1905 ـ 1980) هو فيلسوف و كاتب فرنسي، بدأ حياته العملية أستاذا، درس الفلسفة في ألمانيا خلال الحرب العالمية الثانية، و في سنة 1944 أسّس مجلّة "الأزمة الحديثة". و في المجال الفلسفي تأثّر بفلسفة هوسرل (الفينومينولوجيا)، ثمّ أسّس نزعة فلسفية جديدة تحت اسم "الوجودية" حيث أكّد أنّ مهمّة الفلسفة هي الاهتمام بواقع الإنسان الوجودي أي بالمصير البشري، و في هذا الإطار تبنّى أطروحة مفادها أنّ الإنسان يسبق وجوده ماهيته، أي أنّ ما هو لا يتحدّد إلاّ من خلال وجوده و حياته و أفعاله و اختياراته... و من ثمّ فإنّ الإنسان هو الكائن الوحيد الحرّ على نحو أصلي و مطلق، و لكن الوجود المجتمعي يحدّ من حرّية الإنسان، فالآخر جحيم للفرد من خلال ما يفرض عليه من قوانين و إكراهات.
من أعماله الفلسفية: * الوجود والعدم. *  الوجودية مذهب إنساني. *  نقد العقل الجدلي.
3 ـ الإشكال: هل الإنسان هو ما يريد هو كأنا أم كما يريد الآخر؟
4 ـ المفاهيم:
§ التعـالي: هو خاصية الذات التي لا تنفصل عن حرّيتها و يرتبط بقصدية الوعي أي بقدرته على الإحالة إلى ما هو خارج الوعي.
§ المنهج الجدلي: هو عملية أو صيرورة بمثابة قانون تحكم الفكر و الواقع عن طريق الصراع بين الأفراد، و عرف هذا المنهج بشكل كبير عند الفيلسوف الألماني هيجل ضمن ما يسمّى بجدلية الفكر: أطروحة، نقيضها، تركيب.
§ المشروع: هو مفهوم اقتصادي في الأصل، و يوظّف في المجال الإنساني عندما يتصوّر الإنسان كمشروع، قد يكون هو صاحبه و قد يكون المجتمع هو الذي يجعل من الإنسان مشروعا له، يصنع منه ما يريد وفق ما يسطّره من أهداف و غايات.
5 ـ الأطروحة: يرى سارتر أنّ ماهية الإنسان لا تتحدّد قبل وجوده، بل يوجد أوّلا ثمّ بعد ذلك يصنع بنفسه ما يشاء، إنّه مشروع يتميّز بالتعالي على وضعيته لا بانغلاقه على كينونته، بل منفتحا على العالم و على الآخرين، فالإنسان يوجد أوّلا و يلاقي ذاته وهو غير حامل لأيّة صفات أو ماهية قبلية، بعد ذلك يشرع في تأسيس ذاته.
6 ـ الأفكار الأساسية:
× الإنسان يتجاوز دائما الوضعية التي يوجد فيها و يجدّدها بالتعالي عليها لكي يتموضع بواسطة الشغل و الطفل و الحركة.
× الإنتاج الدائم للذات يتمّ بواسطة الشغل و الممارسة.
× إنّ تموضع الذات يتمّ عن طريق الاختيار والحرّية.
× من الخطأ الكبير أن نمنح الإنسان حرّية صنمية.
7 ـ الحجــــاج: اعتماد التقابل: ذات/ آخر، مركّب/ بسيط.
الإحالة لأفكار سابقة، كاستحضار هيجل وماركس.
النفـي: لا يمكن لا علاقة لها بالعالم...
8 ـ الاستنتـــــاج: بالرغم من الإكراهات التي يفرضها المجتمع على الفرد، يحكم أنّ الآخر جحيم في محاولته تنميط شخصية الفرد، فإنّ الشخص حرّ و مسؤول عن أفعاله و اختياراته، فهو حرّ حرّية مطلقة غير مقيّدة بموانع و إكراهات بحكم أنّه ذات أخلاقية عاقلة.
9 ـ قيمة النصّ: تكمن قيمة النصّ في كونه يبيّن بشكل واضح علاقة الفرد بالمجتمع، حيث تأثير النحن على الأنا، أي الماكرواجتماعي على الميكرواجتماعي، ذلك أنّ المجتمع ينظر إلى الفرد كمشروع مجتمعي، إلاّ أنّه مشروع لا يكتمل إلاّ بمساهمة الفرد نفسه في بلورة هذا المشروع.
10 ـ استغـلال معطيـات النص للإجـابة على الإشكـال المطـروح
الإنسان هو ما يريده الآخر، لكن مادام الإنسان هو أيضا آخر، فالإنسان هو ما يريد هذا الإنسان إلى حدّ ما.
نص إمانويل مونييه، الكتاب المدرسي: في رحاب الفلسفة
الحرّية بشروط
حرّية الإنسان هي حرّية شخص، و حرّة هذا الشخص بالذات و كما هو مركّب و موجود في ذاته و في العالم و أمام القيم. و هذا يستلزم أن تكون هذه الحرّية ملازمة إجمالا لوضعنا الواقعي و محصورة في نطاق حدوده. أن تكون حرّا هو أن تقل، في البدء، هذه الظروف لتجد فيها ارتكازا، ليس كلّ شيء ممكنا، ولا هو كذلك في كلّ لحظة. هذه الحدود تشكّل قوّة عندما لا تكون ضيّقة جدّا. الحرّية كالجسم، لا تتقدّم إلاّ بالحواجز و الاختيار و التضحية. و لكن فكرة المجانية هنا هي فكرة وجود غنّي، و الحرّية في شروط ملزمة، ليست من الآن فصاعدا "وعيا للضرورة"، كما سمّاها "ماركس". إنّ هذا هو البداية، لأنّ الوعي وعد و بادرة للتحرّر و وحده العبد من لا يرى عبوديته، مهما كان سعيدا تحت سلطتها. إلاّ أنّ هذا البدء هو بالكاد إنساني. و لذلك فقبل إعلان الحرّية في الدساتير أو تمجيدها في الخطابات، علينا تأمين الشروط العامة للحرّية: الشروط البيولوجية و الاقتصادية و الاجتماعية و السياسية، و التي تسمح لقوى ذات مستوى متوسّط أن تشارك في أعلى نداء للإنسانية، و أن نهتمّ بالحرّيات اهتمامنا بالحرّية (...). إنّ حرّيتنا هي حرّية إنسان في موقف، وهي كذلك حرّية شخص تعطى له قيمة. أنا لست حرّا لأنّي أمارس عفويتي فقط، بل أصبح حرّا عندما أوجّه هذه العفوية في اتّجاه التحرّر أي في اتّجاه شخصنة العالم و نفسي. إذن ثمّة مسافة تمتدّ من الوجود المنبثق إلى الحرّية، وهي التي تفصل بين الإنسان الباطني على حدود الانبثاق الحيوي، و الإنسان الذي ينضج باستمرار بأفعاله و في الكثافة المتزايدة للوجود الفردي و الجماعي. و هكذا فأنا لا أستعمل حرّيتي بدون جدوى، بالرغم من أن النقطة التي ألتحم فيها بتلك الحرّية متباعدة في أعماق ذاتي. و ليست حرّيتي تدفّقا فحسب، بل هي منظّمة، أو بعبارة أفضل هي مطلوبة بنداء.
إمانويل مويني، الشخصانية، المنشورات الجامعية الفرنسية، 1995، ص : 71-74
Emmanuel Mounier, Le personnalisme
1 ـ تأطير النصّ: النصّ مقتطف من كتاب الشخصانية (1949) للفيلسوف الشخصاني المذهب، إيمانويل مونييي، و في هذا الكتاب يقدّم مونيي أطروحة تقول أنّ حرّية الشخص مشروطة، نظرا للعلاقة القائمة بين الأنا و الآخر.
2 ـ صاحب النصّ: هو الفيلسوف الفرنسي المعاصر إيمانويل مونييي (1905ـ1950)، وهو رائد التيّار الشخصاني بفرنسا، أنشأ مجلّة "الروح" في أكتوبر 1932، و دعا فيها إلى مناهضة الحضارة الأوربية التي تقوم على المادية المفرطة وهو ما جعلها تعاني من أزمة روحية، أي غياب تربية روحية شخصانية، فالمهمّة الرئيسة في نظر مونيي ليست هي تغيير العالم و إنّما تغيير الفرد، أي دعم كماله الأخلاقي الذاتي الروحي، و دعا مونييه إلى قيام التربية على ثورة روحية تعيد الوحدة بين الروح و المادة في الشخصية، و تتأسّس على نزعة إنسانية تنظر إلى الشخص باعتباره كائنا يعيش في إطار اجتماعي كوني، متفتح على الأشخاص الآخرين في المجتمع و الكون و يتمتّع بروح متسامحة، إزاء كلّ الأديان، و لذا رفض مونيي الماركسية و المادية بكلّ أشكالها.
3 ـ الإشكال: هل حرّية الفرد مطلقة أم مشروطة ؟
4 ـ المفاهيم:
§ التحرّر: تدلّ لدى الفلاسفة الشخصانيين على فعالية يحياها في استمرار شامل كلّ واحد منّا في تضامنه مع مجموع الإنسانية.
§ شخصنة: عملية تشير إلى أنّ الإنسان أو الكائن لا يتّخذ قيمته إلاّ في الوقت الذي يدخل في عالم مشخصن.
§ القـيم: كلّ القواعد و الأخلاق و المبادئ الاجتماعية التي يتواضع عليها الأفراد (المجتمع)، و يحرصون على صونها و تمريرها إلى كلّ فرد يدخل هذا المجتمع.
5 ـ الأطـروحة: يرى مونيي أن الشخص لا يحقّق وجوده مع الآخرين إلاّ في إطار الفعل الحرّ المتجدّد، فحرّية الشخص موجودة في ذاته، وهي مشروطة بالوضع الواقعي له، وهي لا تتحقّق إلاّ عندما يتّجه الإنسان نحو التحرّر في إطار التشخصن، أي الخروج بالذات من عزليتها و فرديتها و الاتّجاه نحو الشخص عبر الانفتاح على الآخرين و التواصل معهم، و تحمل مصائرهم و آلامهم بكلّ كرم و مجانية.
6 ـ الأفكار الأساسية:
× حرّية الإنسان هي حرّية شخص، و هذه الحرّية تكون ملازمة لواقعه.
× أن يكون الإنسان حرّا معناه أن يقبل ظروفه واقعه.
× الوعي هو وعد و بادرة للتحرّر.
× تحقيق الحرّية يقتضي التفكير في الشروط البيولوجية و الاقتصادية و الاجتماعية و السياسية.
7 ـ  الــحجـــاج: آلية التعريف [حرّية الإنسان هي حرّية الشخص...].
8 ـ الاستنتاج: حرّية الشخص حرّية ملتزمة لأنّها تحترم الغير و مشروطة باحترام القيم، إنّها موقف و قيمة.
9 ـ قيمة النصّ: ينظّر النصّ لموقف هامّ من الحرّية، هو أن لا حرّية للأنا بدون استحضار حرّية الآخر.
10 ـ استغـلال معطيات الـنص للإجابة على الإشكـال المطروح:
ليست حرّية الشخص مطلقة بل إنّها رهينة بمدى احترام الشخص الحرّ للأشخاص الآخرين الأحرار.
عن موقع تفلسف

هناك 33 تعليقًا:

  1. غير معرف24/11/10

    شكرا علي الموضوع ي استاد

    ردحذف
  2. يوبة3/2/11

    المواضيع شيقة

    ردحذف
  3. غير معرف2/10/11

    jamil jidan

    ردحذف
  4. غير معرف22/10/11

    merci 3la hadihi almwadir aljamila jidan

    ردحذف
  5. غير معرف26/10/11

    merciiiiii bcp

    ردحذف
  6. غير معرف26/10/11

    merciiiii bcp

    ردحذف
  7. غير معرف27/10/11

    meeeeeeeeerciiiiiiiiiiiiiiiii

    ردحذف
  8. شكرا جزيلا وأتمنى لكم توفيق لكل من يسهر على هذا الموقع

    ردحذف
  9. kawtar2/11/11

    mercii bzaff 3la hade lmawdi3 li 9dmto lina

    ردحذف
  10. laarbi2/11/11

    merci boucoup pour cette projts

    ردحذف
  11. غير معرف15/11/11

    merci 3ta9touni fi lwa9te monassibe merci bazafe youness de casa maroc

    ردحذف
  12. غير معرف16/11/11

    merci boucoup

    ردحذف
  13. غير معرف19/11/11

    merci bzaaafe kantmna maziid mn t2alo9 incha allah ROUTBI deLArache

    ردحذف
  14. غير معرف30/9/12

    شكرا على هذه المعلومات المفيدة ونطمح للمزيد انشاء الله

    ردحذف
  15. غير معرف9/10/12

    شكرا على هذه المواضيع المفيدة والهادفة

    ردحذف
  16. thanks foOoOR YoUu

    ردحذف
  17. غير معرف24/12/12

    مجهود متميز بارك الله في فيك

    ردحذف
  18. Insaf17/3/13

    Merciiiiii

    ردحذف
  19. غير معرف17/9/13

    روووووووووووووووووووووووووعه شكراااااااااااااا

    ردحذف
  20. غير معرف29/9/13

    mrc bcp

    ردحذف
  21. أسماء2/11/13

    شكرا .جزاكم الله خيرا

    ردحذف
  22. شعيب8/11/13

    شكرا و جزاكم الله خيرا و اللهم يسر الامور و النجاح للجميع ان شاء الله

    ردحذف
  23. غير معرف19/10/14

    merci pour votre aide monsieu jamal

    ردحذف
  24. غير معرف27/10/14

    شكرا على المواضيع

    ردحذف
  25. غير معرف28/10/14

    اتمنى لكم التوفيق وشكرا

    ردحذف
  26. غير معرف9/11/14

    chokràn 3là hàd l màwàdi3 l mofidà

    ردحذف
  27. غير معرف19/11/14

    merciiiiiiii bzafffffffffff 3la les information fadona bzzzf

    ردحذف
  28. غير معرف22/12/14

    merciiiiiiiiiiiiiiiiiiiiii

    ردحذف
  29. غير معرف11/10/15

    thanks you at work

    ردحذف
  30. غير معرف28/9/16

    شكرا على المعلومات وجزاك الله خيرا

    ردحذف
  31. غير معرف4/1/17

    للأسف دروسكم ليست كدروسنا
    من الجزائر أحييكم

    ردحذف