إعــــــــــــــــــــــــــلام
مرحبا بكم أيّها الأعزّاء، في مدوّنتكم طريق النجاح.

نرجـو أن تُشــرّفـونا بزياراتـكم ومساهمــاتكم ونعلمـكم أننّــا على استعــداد لنشر كـلّ مـا تتكرّمـون به من مساهمـات تفيــد الأستـــاذ والتلميذ معا. ننتــظر أن تمــدّونا بدروسـكم أو امتحاناتكم أو كلّ ما ترونه صالحا للنشر، يستفيد منه دارس الفلسفة في السنوات الثالثة والرابعة من شعبتي الآداب والعلـوم. للمراسلة والطلبـات والاستفسار يُمكنـكم الاتّصـال على العنوان التالي:

بحث في المدونة

الأحد، 7 أبريل 2013

تدريب منهجي: الرابعة آداب

تدريب من إنجاز الأستاذ: محمّد كريم النيفر
                                     موضوع حول التواصل و الأنظمة الرمزية.
الموضوع ׃ "الرمز عنف"  إلى أيّ حدّ يصحّ هذا التصوّر ؟
التمهيد و دواعي طرح المشكل׃
لئن جسّد وجود الرّمز و استحداثه من طرف الإنسان نقلة نوعيّة لهذا الكائن أخرجته من الوجود الطبيعي المتوحّش و المنغمس في العلاقة المادّية و المباشرة مع العالم الذي يعيش فيه إلى وجود ثقافي  مبدع و خلاّق ومتحضّر فإنّ هذا الكائن لم ينجح بعد في تجاوز مفهوم العنف الذي ما ينفكّ يعيد الإنسان إلى الجذور الحيوانيّة و إلى الوجود الطبيعي اللا ـ متحضّر، إن لم نقل إنّ الإنسان بات ـ 
استنادا لملكة الإبداع لديه التي منها اخترع الرموز ـ يستخدم الرمز في بعض الأحيان كبديل للعنف المادّي المباشر محوّلا وجوده الرمزي إلى أداة عنف معنوي متعدّد الوسائط و متعدّد المنطلقات و إن كانت أهدافه واحدة  وهي الانتصار للخصوصيّات و استهداف المختلف عرقيّا و دينيّا و لغويّا و جماليّا و اقتصاديّا و سياسيّا و إيديولوجيّا، الشيء الذي يدعونا للتفكير في جدلية الرمز و العنف من جهة فهم إمكانية استحالة الرمز إلى عنف، و من جهة التفكير في أسباب العنف الرمزي و آفاق تجاوزه ببديل أكثر عقلانية و أدنى لإعادة صهر ممكنات التواصل بين الإنسان و الإنسان من جهة و بين الإنسان و العالم من جهة أخرى
الإشكالية׃
ما الرّمز ؟ ما العنف ؟ متى يتحوّل الرمز إلى عنف ؟ و متى يكون أداة تواصل ؟
التحليل׃
1 ـ  التأصيل المفهومي׃
الرمز في أكثر معانيه شيوعا هو تجسيد حسّي لشيء ما  أو لفكرة مجرّدة أي أنّه تمثيل حمّال لمعنى معيّن، فهو إذن ضرب من ضروب الإيحاء و الإحالة إلى شيء آخر غيره، لذلك يقول أدونيس (علي أحمد سعيد): "الرمز إيحاء صامت، إنّه اللغة التي تبدأ حين تنتهي القصيدة…" فالرمز إذن حسب هذا التعريف هو لغة عن اللغة يجب استنطاقها و تأويلها للحصول على مقصود القول و دلالة التعبير، لذلك يكون النجاح في قراءة الرمز مرتبطا بنجاحنا في تأويله و قد يجسّد الإخفاق في هذه العمليّة ممارسة عنف على الوجود الرمزي ذاته برصد قراءة متعسّفة عليه تجبره على قول ما لم يرد قوله بسب عدم فهمنا للنظام الرمزي الذي يستبدل اللا معنى بالمعنى و الالتباس بالوضوح  و كذلك  إحباطا فعليّا لعمليّة التواصل بين المرموز و المتلقّي لذلك اعتبر بعض فلاسفة الهرمينوتيقا (التأولية) و نذكر في هذا المجال پول ريكور أنّ الرمز غير شفّاف أي أنّ دلالته عادة ما تكون محلّ صراع للتأويلات  إن لم نقل إنّ دلالته قد تحمل شحنة عنف مستهدفة للمختلف المتعدّد الأوجه أي المخالف للانتماء الرمزي أو الفكري أو العقائدي أو الإيديولوجي.  إنّ في هذا التعريف للرمز بما هو إحالة على العنف و متوسّل له في الآن ذاته، ما يدعونا لضرورة تعريف العنف الذي يعني في المعنى العام الإفراط في استخدام القوّة فنتحدّث بذلك عن عنف مادّي إذا كانت القوّة المستخدمة مادّية و عن عنف معنوي إذا كانت القوّة المستخدمة من قبيل رمزي أو معنوي، أمّا في المعنى الخاصّ فيحيل مفهوم العنف إلى كلّ فعل يمارس ضدّ الغير لحمله رغما عنه على القيام بشيء ما، أو لمنعه من القيام به باستعمال قوّة ما أو سلطة ما، أو لانتهاك حقوقه المادية أو المعنوية
2  ـ  الاشتغال على الأطروحة و تفريعها إلى مستويات بحث׃
تدعونا الأطروحة  القائلة بأنّ "الرمز عنف" إلى تقليب وجهات النظر التي تعتنق هذه الفكرة و تدافع على هذا التصوّر و ذلك برصد تمظهرات العنف الرمزي في الوجود الإنساني المتعدّد الأبعاد إذا ما اعتنقنا التعريف السارتري للإنسان بأنّه׃ "كائن الأبعاد" و في هذا الإطار قد نحتاج للقراءات السيميولوجية  أو الألسنية (أو حتّى الابستمولوجية) و التوجّهات الانثروبولوجية الناقدة للايدولوجيا باعتبارها "وعيا زائفا" على حدّ عبارة كارل ماركس بقدر حاجتنا لفلاسفة السّلطة مثل بيار بورديو الذي اختصّت كتاباته بدراسة ظاهرة العنف الرمزي  أو السلطة الرمزيّة، أو أعمال ميشال فوكو الذي أكّد في كتاب المراقبة و المعاقبة أنّ العنف المعنوي أشدّ تعذيبا و أكثر قسوة من التعذيب الجسدي.
أ ـ مستوى سيميولوجي ألسني׃
يمكن الانطلاق في هذا المستوى برصد البعد الرمزي للإنسان الذي يحتلّ محلّ الأداة و الواسطة بين الإنسان و عالمه الشيء الذي قد يدفعنا للحديث عن تبعيّة الإنسان لهذه الوسائط التي يمكن أن يتحوّل دورها التداولي إلى دور سلطوي يسجن الإنسان ضمن إمكاناته الرمزية  و ضمن حدوده الذهنية في فكّ شفرة الرموز و الإشارات التي يتلقّاها من الغير المشارك لوجوده الثقافي و الاجتماعي أو المختلف عنه و في هذا الإطار يمكن استحضار أطروحة ارنست كاسيرر القائلة׃ " إنّ الإنسان لم يعد قادرا أن يواجه الواقع مباشرة، أي لم يعد يستطيع أن يحدّق فيه وجها لوجه" في غياب الخيوط التي تحاك منها الشبكة الرمزية وهذا التصوّر كفيل بتأويل العنف الذي يمارسه الرمز على مستعمله و هذا يدعونا إلى استحضار أطروحة رولان بارط الذي يشاطر التصوّر المنطقي الفتغنشتايني و الذي يعتبر أنّ׃ "حدود عالمي هي حدود لغتي"، حيث يكتب بارط في كتاب" دروس" أنّ׃ "اللغة سلطة تشريعيّة اللسان قانونها (…) فأي لهجة إنّما تتعيّن بما ترغم على قوله أكثر ممّا تتعيّن بما تسمح بقوله" و ما الإرغام حسب هذه العبارة إلاّ وجها من وجوه العنف المعنوي الذي يحاصر الإنسان دون أن يعي به
ب ـ مستوى ابستمولوجي׃
إذا كان الحديث عن الرمز لا يمكن حصره في المجال اللغوي فإنّ عنف الرمز يمكن أن يطال الرسم و التصميم و الخريطة، و غيرها من الوسائط التي يستخدمها الإنسان في وجوده المباشر و في المجال المعرفي و العلمي في شكل نماذج اختزالية أو تصغيرية أو تكبيرية للتعبير عن موضوعات العلم (المعرفة الموضوع و المعرفة المشروع) الشيء الذي جعل البعض مثل بول فاليري يعتبر أنّ "النمذجة هي الكلمة المفتاح في العلم اليوم" في حين يتحدّث آخرون عن اعتبار النماذج في العلم عائقا إبستيمولوجيا نظرا لعدم مطابقتها و وفائها للواقع المركّب الذي تكون عمليّة اختزاله رمزيّا بمثابة العنف المستهدف للحقيقة العلمية.
ج ـ مستوى انثروبولوجي׃
تسعى الأنثروبولوجيا إلى دراسة الثقافات مقتفية لآثار الرموز التي قد تتّخذ شكل وشم أو شكل أسطورة أو شكل تعبير جمالي أو طقوسي يعبّر عن قداسة بعض الرموز لدي بعض القبائل و عن سلطته السحريّة المستمدّة من تصوّر معيّن للمقدّس الذي قد يتّخذ لدى بعض القبائل شكلا طوطميا يعتقد شعبه أنّه قادر على الفعل في هذه المجتمعات إيجابا أو سلبا من جهة مكافأتهم أو معاقبتهم بالأعاصير أو بالجفاف أو الأوبئة كما رصدت الانتروبولوجيا أشكال العقوبات التي تمارس على الأشخاص الذين يدنّسون المقدّس أو لا يحترمون قانون العشيرة لأداء بعض الطقوس، فأسهمت بذلك هذه البحوث في رصد العنف الذي يحفّ بالرمز الديني أو الأسطوري بالإضافة إلى الأشكال الأخرى من العنف اللا مباشر مثل نشوب العديد من الحروب بسبب مخطوطات يعتقد أنّها تحمل سرّا متعلّقا بالآلهة أو بتاريخ القبيلة أو أنّ لها علاقة بغضب الآلهة أو بحزنها أو فرحها
* يمكن أن نوظّف هنا أطروحة فولتار حول التعصّب الديني و مدى خطورته  بالنظر إلى العنف الذي يمكن أن يسبّبه و تأثيره على كسر منطق التواصل.
* كما يمكن توظيف العنف الرمزي الذي تروّجه شعارات الإثنية المركزية تبريرا لأفضليّة عرق على آخر
د ـ مستوى سياسي إيديولوجي׃
تستمدّ السياسة سلطتها من عنف الرمز فشعارات الدول رموز تحمل تنّينا أو أسدا أو نسرا و هذه الرموز عادة ما تعبّر على القوّة و السّلطة و السّيطرة بالإضافة إلى كونها تلعب دورا نفسيّا على المتلقّي و كذلك دورا إيديولوجيا مثل شعار المطرقة و المنجل الشيوعي أو شعار الصليب المعقوف النازي
* يمكن أن نوظّف في هذا المستوى العنف الرمزي للصورة  في مجال الإعلام.
* توظيف أطروحة هابرماس المميّزة بين الفعل التواصلي و الفعل الاستراتيجي
(مع ضرورة ربط المسألة برمزيّة العنف)
3  ـ نقيض الأطروحة:
الرمز ليس عنفا بل هو مبدأ تواصلي
 رصد مستويات اشتغال مثل العمل الذي قمنا به عند الاشتغال على الأطروحة
4  ـ الخاتمة׃
رصد فكرة إمكان تجاوز العنف بتجاوز أنماط الوعي الزائف بين الإنيّات و بالتشربع للاختلاف كحقّ كوني.
ـ الاختلاف يمكن أن يكون خادعا أي أنّ التنوّع يمكن أن يحمل الوحدة (إحالة على أعمال ادغار موران أو أعمال كلود ليفي شتروس)

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق